شبهة: "قال إبن الميرزا أن المقصود: ب"أحمد" في سورة الصف هو أباه، لكن الأحمديين يقولون أنه النبي (ص)".
شبهة: "قال إبن الميرزا أن المقصود: ب"أحمد" في سورة الصف هو أباه، لكن الأحمديين يقولون أنه النبي (ص)".
الرد:
هناك من الآيات ما تحمل أكثر من معنى في الوقت نفسه، وهذه إحداها. فهي تنطبق على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى المسيح الموعود عليه السلام؛ فقول تعالى على لسان عيسى بن مريم الناصري عليه السلام: "وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ". هي نبوءة عن بعثة نبي بعد المسيح الناصري عليه السلام، والمقصود بـ "أَحْمَدُ"؛ فيها هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، لأن هذا هو إسمه "الصفاتي". كما أنه يمكن تفسير المقصود بـ "أحمد"؛ أنه سيدنا المسيح الموعود عليه السلام، لأن هذا هو إسمه الذاتي، ثم إنه عليه السلام ظل لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:
- يقول المسيح الموعود عليه السلام في تفسير هذه الآية الكريمة: "لقد سمي النبي باسم آخر ط، وهو "أحمد"، كما تنبأ به المسيح الناصري عليه السلام قائلا: "وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أحمد". وفي ذلك إشارة إلى أنه يكون أكثر الناس حمدا لله تعالى. الحق أن الإنسان يمدح شخصا إذا نال منه شيئا، وكلما زاد نواله منه زاد في حمده. فمثلا إذا أعطيت أحدا قرشا فسيمدحك بقدره، وإذا أعطيته ألف دينار فسيمدحك بقدرها. فيتبين من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أكثر الناس نوالا لأفضال الله تعالى. فالحق أن في هذا الإسم نبأ؛ أن صاحب هذا الإسم سوف ينال أفضال الله تعالى كثيرا جدا جدا" (جريدة الحكم؛ مجلد 5، عدد 17-1-1901، ص4).
- ويقول في موضع آخر: "إن الله تعالى قد برهن على موت المسيح الناصري عليه السلام، ولكن من المؤسف جدا أن هؤلاء الناس يعتبرونه حيا إلى الآن، وبذلك يثيرون فتنا كثيرة في الإسلام؛ إذ يعتبرون المسيح حيا وقيوما في السماء، ويعتبرون النبي صلى الله عليه وسلم ميتا ومدفونا في الأرض، مع أنـه قـد وردت شهادة المسيح نفسه في القرآن الكريم: "وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ". إذن، فإذا كان المسيح عليه الصلاة والسلام لم يتوفَّ بعد، فكيف يمكن أن يُبعث نبينا صلى الله عليه وسلم في الدنيا؟ النص صريح في أن المسيح عليه الصلاة والسلام عندما يموت وينتهـي مـن هـذا العـالم المادي، سيُبعث النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الدنيا، لأن الآية تبين أن الإتيان مشروط بالذهاب (إتيان الرسول مشروط بذهاب المسيح وموته)" (مرآة كمالات الإسلام، ص42).
- ويقول عليه السلام في مكان آخر: "وفي هذه الآية: "وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ"؛ إشارة إلى أنه في آخر الزمان سوف يبعث ظل للنبي صلى الله عليه وسلم، ويكون بمثابة يده اليمنى، وسوف يسمى في السماء ب: "أحمد"، وسوف ينشر الإسلام بصورة جمالية كما نشر المسيح الناصري عليه السلام الدين بصورة جمالية." (ضميمة التحفة الغولروية، ص21).
- ويقول عليه السلام: "إن للرسول صلى الله عليه وسلم بعثتين؛... والبعثة الثانية جمالية." (التحفة الغولروية، ص96).
أما الخليفة الثاني رض الله عنه فيقول تحت عنوان:
"عقيدتي عن نبوءة اسمه أحمد":
"إن عقيدتي حول هذه النبوءة أنها نبوءة ذات شقين: نبوءة عن الظل ونبوءة عن الأصل. أمـا النبوءة المتعلقة بالظل فهي عن المسيح الموعود عليه السلام، وبينما النبوءة الأصلية هي عن النبي صلى الله عليه وسلم، غير أن هذه النبوءة تخبر عن الظل بصراحة، والخبر عن الظل يستلزم النبوءة عن الأصل حتما. لأن وجود النبي الظلي يقتضي وجود النبي الأصلي، لذا يستمد من هذه الآية خبر عن نبي يستفيض بفيوض النبي الذي هو الأصل. وبما أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس نبيا ظليا، بل هو الأصل، فلم يأخذ الفيض من غيره، بل الآخرون هم من يأخذون منه الفيض. والقول أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ الفيوض من الآخرين يُعتبر إهانة له، وبناء على ذلك وعلى أدلة أخرى، فإنني أعتقد أن المصداق الأول لهذه النبوءة هو المسيح الموعود عليه السلام الذي هو ظل للنبي صلى الله عليه وسلم ومثيل للمسيح الناصري عليه السلام. بيد أني أرى أن هذه نبوءة لم يحدد أي نبي معناها من خلال الإلهام، فاعتقادي عن هذه النبوءة لا يزيد عن كونه بحثا اجتهاديا، فلو فسر أحد هذه النبوءة بغير هذا المعنى، فيمكن أن نقول له بأنه مخطئ، ولن نقول أنه خارج عن الأحمدية أو أنه مذنب. إذا؛ هذه ليست قضية نعطيها أهمية بالغة من ناحية دينية." (أئينه صداقت (مرآة الصدق)؛ مجلد 6 من أنوار العلوم، ص 111).
أما العبارة المشار إليها للخليفة الثاني رضي الله عنه في كتابه (أنوار الخلافة)؛ فقد وردت ضمن موضوع طويل يثبت فيه حضرته أن "أحمد" ليس إسما ذاتيا لحضرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، بل هو اسم صفاتي له. أما المسيح الموعود عليه السلام فإن "أحمد" هو اسمه الذاتي. وفي كتابه (مرآة الصدق) الذي اقتبسنا منه أنفا، يبين اعتقاده حول تفسير هذه النبوءة.
تعليقات
إرسال تعليق