التخطي إلى المحتوى الرئيسي

هل الأحمديه غراس الإنجليز؟


هل الأحمديه غراس الإنجليز؟


      أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. أما بعد: فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم: 

      "بسم الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحيم* مَالك يَوْمِ الدِّين * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ * " (آمين). 

      "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ۖ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا * وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا *".



      ذكرت في الخطبة الماضية أنني بإذن الله تعالى وعونه سوف أتحدث - كما وعدتكم قبل فترة - عما أَسْمَوه "البيان الأبيض" الذي أصدرته حكومة باكستان، لأرد على تهمهم التي أثاروها فيه ضدنا، تهمة تهمة. الآيات القرآنية التي استهللتُ بها خطبة الجمعة الماضية، يقول الله تعالى فيها بأن الكفار لا يأتون بجديد فيما يعترضون به على محمد، وإنمــــا يتبعون سنة الأولين، ويثيرون على محمد صلى الله عليه وسلم نفس الاعتراضات التي أثيرت ضد الأنبياء السابقين.







* قاعدة كلية:

      إنها قاعدة كلية؛ بأنه لم يُبعث نبي في أي زمن، إلا وأثار الأعداء ضده نفس الاعتراضات والتهم التي تعرض لها الأنبياء السابقون عليهم السلام. لم تصلنا أية تفاصيل عن نوعية التهم التي وُجهت إلى أول الأنبياء، غير أنه لا بد أن تكون تلك التهم قد وُجهت إليه للمرة الأولى في العالم، ثم تناقلتها الأجيال التالية باستمرار. وهذا ما يشير إليه القرآن الكريم.

      وقد تناولت الآيات التي تلوتها آنفا؛ أحد الاعتراضات الذي وجهه الكفار إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو كما تقول الآية: "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ۖ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا *". 

      أما الذين اتهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنه استعان بهم على هذا الكذب والافتـــراء؛ فقد ذكرهم القرآن في مكان آخر، ووصفهم حكايةً عن الكفار بأنهم العجم. ثم ردّ على اعتراضهم قائلا: "أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ"؟ بمعنى أنه لو كان أحد العجم كتب له ودعمه وأقامه للنبوة، فلماذا لا تجدون أية عجمة في كلامه؟





* تهمة "المحققين الجدد":

      هذا، وإن كل ما رُمي به سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام من اعتراضات وتهم ليس فيه أي جديد مطلقا، وإنما هو نفس ما أثير ضد الأنبياء السابقين؛ بل وفي بعض الأحيان؛ أخذوا نفس التهم التي ألصقت بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، واتهموا بها خادمه الأطهر وعاشقه الصادق سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام. ففي "البيان الأبيض" المزعوم ركزوا بشدة على اتهامهم بأن: "الأحمدية غراس الإنجليز"، وأن سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام "متنبئ أقامه الإنجليز"؛ حيث كتبوا: "لقد أثبت "المحققون الجدد" أن الأحمدية غرسها الإنجليز بيدهم، للحفاظ على مصالح الدولة البريطانية.".

      ومن هم هؤلاء "المحققون الجدد"؟ لم تُذكر أسماؤهم ولا تحقيقهم، وإنما ألصقوا تهمة وهمية اختلقوها ونشروها بأسلوب يُعجب الغرب وغيرهم من المثقفين المعاصرين، وأوهموهم كما لو أنها حقيقة ثابتة، حيث قالوا، لقد أثبت "المحققون الجدد ... ".






* تحقيق فريد:

      قبل فترة طويلة، حين كنتُ رئيسا لمكتب "الوقف الجديد"، اطلعت على تحقيق نشروه في هذا الشأن، ذكروا فيه كتابًا بوصفه مرجعا، وزعموا أنه طبع في إحدى المطابع بإنجلترا، اسمه:

The arrival of British Empire in India: Cited by Ajami Israil, page 19.

      وقالوا إن هذا الكتاب يؤكد بأن الإنجليز قرروا في البرلمان بأنــه لاستمرار حكمهم على الهند والسيطرة على المسلمين هناك، لا بد لهم من إقامة "متنبئ كذاب" باسم "نبي ظلي".

      وكأن مصطلح "نبي ظلي" مصطلح اخترعه الإنجليز!

      فكتبتُ إلى إمام مسجد لندن وقتئذ؛ بأن هذا كذب صريح ولا شك، إلا أننى أرجوك مراجعة هذا الكتاب حتى نتأكد مما جاء فيه. فلربما ورد فيه أمر آخر حوّلوه بقص ولزق إلى ما يحققون به مآربهم. ولمفاجأتي كتب إلي إمام المسجد بأنه لم يعثر على أي كتاب يحمل هذا العنوان.

      فطلبت إليه المزيد من البحث، والاتصال بالمطبعة المذكورة. فجاءني الرد: لقد قمنا ببحث شاق، فلم نجد الكتاب، بل لم نعثر على أية مطبعة بهذا الاسم.

      ثم اتصلنا في هذا الشأن بالمتحف البريطاني وغيره من المؤسسات الكبيرة. فقالوا لنا بكلمة واحدة: لا يوجد هنا أي كتاب بهذا العنوان ولا أية مطبعة بهذا الاسم!

      هؤلاء هم "المحققون الجدد" الذين قاموا بهذا التحقيق للحكومة الباكستانية. 

      والحق أن استخدام كلمة "التحقيق" لهذه الترهات إهانة لهذه الكلمة. ولكن حكومة باكستان قد سمتها "تحقيقا جديدا"، وقدمتها بكل فخر للعالم. كما قامت فيها بطعن كثير يتلخص في أن سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام قد قام بمدح الإنجليز ومداهنتهم، اعترف بأنه وجماعته غراس الإنجليز. وحول هذين الأمرين سوف أسوق لحضراتكم بعض الحقائق. 

.... 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أي الفريقين كان غراسا للإنجليز، وعميلا للقوى الغربية: الأحمدية أم معارضوها من الوهابيين؟

أي الفريقين كان غراسا للإنجليز، وعميلا للقوى الغربية: الأحمدية أم معارضوها من الوهابيين؟ * الوهابيون هم "غراس الإنجليز": ومن عجائب قدرة الله أنه تعالى انتقم للأحمدية وأظهر الحق بلسان أعدائهم، حيث تبادلت هذه الفرق الإسلامية نفس التهمة فيما بينها، وسمت بعضها بعضا بأنها "غراس الإنجليز"، في حين أن سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود الله لم يستخدم هذه التسمية لفرقته أبدًا.       فقد ورد في مجلة "جتان" عن البريلويين ما يلي: "إنهم أفتوا بأن الإنجليز هم أولو الأمر، وأن الهند دار الإسلام. ثم تحول هذا الغراس الذي غرسه الإنجليز بعد أيام إلى حركة دينية." (مجلــة "جتــــان" الصادرة في لاهور، عدد ١٥ أكتوبر ١٩٦٢م).        وكتب مدير مجلة "طوفان": " بكل مكر ودهاء، غَرَسَ الإنجليز غراس الحركة النجدية (أي الوهابية) أيضا في الهند، وتولوا رعايتها بأنفسهم إلى أن اكتمل نماؤها وازدهارها" (مجلة "طوفان" الباكستانية، عدد ٧ نوفمبر ١٩٦٢م). * الحقائق تتكلم !       الواقع؛ إن إلصاق التهم ليس بدليل، كما إننا لا نعتبر اتهامهم لنا بأننا غر

شبهة: "ادعى المرزا أنه "المهدي"؛ لإصابته بالهستيريا".

شبهة:   " ادعى المرزا أنه "المهدي"؛ لإصابته بالهستيريا". الرد:       لقد رد المسيح الموعود عليه السلام على هذا الانتقاد، حيث كتب في كتابه "إزالة الأوهام" في سنة 1891م ردا على انتقاد المعارضين ما تعريبه : "... الانتقاد الثاني الذي وُجّه إلي بأنني ما ادعيت بكوني مسيحا موعودا إلا بسبب الهيستريا والجنون، فإنني أقول ردّا على هذا؛ بأني لا أغضب على من يتهمني بالجنون أو بإصابة في العقل، بل أفرح لذلك لأن كل نبي ورسول سمي بهذا الإسم أيضا في  زمنه، ونال المصلحون هذا اللقب من أقوامهم منذ القدم، وأنا سعيد لتحقق هذا النبأ عني أيضا، فقد تلقيته من الله سبحانه وتعالى ونُشِرَ في كتابي: "البراهين الأحمدية"، وقد جاء فيه أن الناس سوف يقولون ع ني أني مجنون..." (الخزائن الروحانية ج 3 - كتاب: إزالة الأوهام، ص403).   ثم كتب حضرته أيضا، تعريبا عن الأردية: ". .. كان الله سبحانه وتعالى يعلم أنه لو أصابني مرض خبيث كالجذام أو الجنون أو العمى أو الصرع. فيستنتج الناس منه نزول الغضب الإلهي عليّ، ولأجل ذلك بشرني قبل فترة طويلة، وسجّلتُ بشارته في كتابي: "البراه

شبهة: "تناقض الميرزا؛ فتارة يقول أن النصارى لم يفسدوا في حياة المسيح، وتارة يقول عكس ذلك".

  شبهة: "تناقض الميرزا؛ فتارة يقول أن النصارى لم يفسدوا في حياة المسيح، وتارة يقول عكس ذلك".        أكد الميرزا أن المسيح الناصري عليه السلام قد مات قبل فساد دين النصارى، وذلك بقوله: "انظر كيف ثبت وقوع موته قبل فساد مذهب النصارى واتخاذهم عيسى إلها"(حمامة البشرى). ولكنه وصف بولس بأنه "أول رجل أفسد دين النصارى، وأضلهم، وأجاح أصولهم ومكر مكرًا كبارا" (حمامة البشرى). أليس هذا تناقضا، فبولس مات سنة 64 ميلادية، أي أن النصارى فسدوا قبل هذه السنة، ولكن المسيح مات سنة 120 ميلادية كما تقولون، فكيف لم يفسد دين النصارى قبل سنة 120  ميلادية ، وفسد بعد سنة 64  ميلادية ؟ الرد:       المقصود من الفساد في العبارة الأولى: (انظر كيف ثبت وقوع موته قبل فساد مذهب النصارى، واتخاذهم عيسى إلها) ، هو تأليه المسيح. فهذا لم ينتشر ولم يصبح عقيدة أكثر النصارى إلا بعد سنة 325  ميلادية ، وذلك عند دخول "قسطنطين" المسيحية وتلاعبه بها. والمقصود بالفساد في العبارة الثانية التي اعتُبر فيها بولس؛ بأنه أول رجل أفسد دين النصارى، وأضلهم، وأجاح أصولهم؛ هو أن بولس قد بذر هذه البذرة، ولك