التخطي إلى المحتوى الرئيسي

"إنجازات عظيمة للأحمدية":



"إنجازات عظيمة للأحمدية":




      بعون الله تعالى؛ لن تستطيع أية قوة من الدنيا عرقلة طريــــق ازدهــــار الجماعة الإسلامية الأحمدية، لأنها جماعة أقامها الله تعالى بنفسه. أمــا السؤال: إلى متى تستمر هذه الظروف الصعبة بالنسبة للجماعة. فأقول، كما بينت من قبل أيضا : الله أعلم بذلك. ومع ذلــك؛ أود أن ألفت أنظاركم إلى أمر هام قبل إنهاء خطبتي: إن رسائل بعض الإخوة تشتم منها رائحة القنوط واليأس إلى حد ما، وهذا يؤلمني. ينبغي أن أسميه باسم آخر غير القنوط، إذ إن أصحاب هذه الخطابات ليسوا قانطين من رحمة الله. ولكن مع ذلك؛ فإن النتيجة التي توصلوا إليها تدل على استعجالهم الشديد في الحكم وقلة الصبر، حيث يظنون أن مشيئة الله تعالى في هـذه المحن والابتلاءات مختلفة عما سبق، وأننا ربما نضطر لنقل المركز الرئيسي من هذا البلد (باكستان)، وأن أمامنا شوطا طويلا من الابتلاءات هذه المرة. ولكنهم مع ذلك متأكدون بأن هذه المحن سوف تسفر في آخر المطاف عن انتصارات عظيمة للجماعة، كما جرت سنة الله باستمرار من قبل.

 

      أراهم قد استعجلوا في هذا الحكم، ولا أرضى بذلك أبدًا. صحيح أن التاريخ يعيد نفسه، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أنه يعيد نفسه لفظًا لفظا وصورة صورة واسما اسما مائة بالمائة. إن التاريخ يعيد نفسه من حيث المبادئ والقواعد، وهذه المبادئ مسجلة محفوظة من عند الله تعالى في القرآن الكريم. فالمبادئ سوف تعاد بلا شك، لأنها سنة الله مع أنبيائه. ولكن معالم هذه السنة قد تكون مختلفة من زمن إلى آخر، بمعنى أنه يمكن أن تختلف معالم هذه السنة بحسب اختلاف سيرها عمليا. فالحكم بأن وقوع حادث يعني بالضرورة كذا وكذا لحكم غير صائب. فينبغي ألا يستعجل الإنسان ما لم يخبر الله بنفسه وبكل وضوح، أو تجلت مشيئته بحيث لا يمكن إنكارها. 

      الحق أنه لا مفر من قدر الله تعالى ولا مناص من مشيئته، ولا سخط - والعياذ بالله - من حكمه، ولكن مع ذلك؛ أوصيكم بأن لا تستعجلوا في الحكم. فالاستعجال يؤدي إلى الفتور في دعواتكم، فلن تجدوا نفس الحرارة فيها. سوف تستسلمون، وتقولون في أنفسكم: إن مسلسل الابتلاء سوف يستمر طويلا. لا بأس، كذلك جرت العادة. وهذا يُفقدكم الهمة والحرارة في الدعوات، ويسلبكم صبغة التضرع والخشوع في الابتهالات. وهذه خسارة فادحة يجب على الجماعات السماوية تفاديها. ولذا أقول؛ إنه لن يُصيبنا إلا ما كتب الله لنا، ولا مبدل لكلماته، ولكنكم لماذا تستسلمون وتثبطون من هممكم في الدعوات والابتهالات؟ إن الجندي الشجاع هو ذلك الذي يصمد في ميدان القتال؛ يتلقى طعنات العدو بصدره، ولا يولي دبره. 

      مما لا شك فيه أن أحدًا لا يقدر على محاربة مشيئة الله وقدره، ولكـــن الله تعالى بنفسه قد علّمنا طريقًا لمواجهة قدره، وهو الدوام على الدعوات والابتهالات بكل خشوع وتواضع، لأن القدر الإلهي الخاص بالدعوات المتواضعة أيضا قدر مستقل في ذاته وجار باستمرار. والله تعالى يخبرنا بأن قدره هذا يصل في بعض الأحيان من القوة بحيث يتغلب على قدر إلهــي آخر فيبدله. إن المعجزة العظيمة التي حدثت في الجزيرة العربية قد كتب سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام محللا إياها وقال: إن معاملة القوم مع النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقتضى نتيجة حتمية واحدة فقط لا غير: أن يُهلك القوم كلهم، وأن يُجعَل سافل أرضهم عاليها. كانوا أشدَّ جرما من قوم نوح، وأحق منهم بالعقاب، بحيث كان ينبغي أن لا يترك أحد منهم حيا. وإن ما وقع له في سفره صلى الله عليه وسلم إلى الطائف من حادث مؤلم للغاية، وما أخبر به الله رسوله بواسطة الملائكة؛ إنما يتضمن نفس الســــر، ويـــبـين الحكمة، وكأن الله تعالى قال بصدد هذا الحادث: إن مشيئتي تقضي بهلاك الأعداء عند كل سلوك سيئ، ولكن أمانيك القلبيــة يــا محمــد، ودعواتك الحارة وابتهالاتك الشديدة أيضا تصنع قدرا سماويًا، وإن مشاعرك ودعواتك يا محمد، أهم من أي قدر آخر، لذا لن أعامل قومك ولن أنفذ فيهم قدري الآخر إلا بعد استشارتك. وما هو ذلــك القدر السماوي الآخر يا تُرى؟ إن هو إلا قوله تعالى لرسوله: إنك قد تحملت الكثير من أذى القوم، فلو كنت ترى إبادتهم، لأمرت الملائكة ليطبقوا جبلين على قرية الطائف حتى لا تبقى لهم باقية.

      هذا حادث صغير يُظهر لنا قدرًا إلهيًا خفيًّا. ولكن سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم لم يكن يحظى بحب الله تعالى في ذلك الوقت فقط، كما لم يكن هو الحادث الوحيد الذي تعرض فيه للإيذاء في سبيل الله تعالى، وإنما كانت المصائب تُصبّ على قلبه في كل آن، وكان يضحي بروحه في سبيل الله عز وجل في كـــل يوم، حيث عبّر عن ذلك القرآن الكريم: "قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" (سورة الأنعام: ١٦٣). وهذا يعني أنه في كل يوم كان يموت في سبيل الله تعالى، وفي كل يوم كان الله تعالى يحييه. وهذا هو القدر السماوي الذي لم يزل جاريًا باستمرار، وفي المقابل لم ينفك النبي صلى الله عليه وسلم عاكفا على الدعوات بلا انقطاع. وكما يقول سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام: فإن القدر السماوي الذي صنعته دعوات النبي صلى الله عليه وسلم المستجابة في السماء، صار قدرًا غالبًا في آخر الأمر. فكتب الله حيـــاة أبدية لقومه الذين كان إهلاكهم قدرًا مقدورًا. إنكم أنتم الأحمديون تدينون بسيادة هذا السيد، وتدعون بحبه، لذا فعليكم باتباع خطواته. فلا تتمنوا هلاك القوم مستعجلين. إنما علـيكم بالابتهال إلى الله تعالى لنجاتهم وحياتهم. تقبل الله دعواتنا، وهدى القوم إلى الصواب. 



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شبهة: "بحسب الأحاديث؛ عندما يظهر المهدي؛ تسمع به الدنيا كلها. لكن الميرزا لا يسمع به إلا القليل!!".

شبهة: " بحسب الأحاديث؛ عندما يظهر المهدي؛ تسمع به الدنيا كلها. لكن الميرزا لا يسمع به إلا القليل!!". الرد:       أما أنه لم يسمع بالإمام المهدي عليه السلام إلا القليل، فهذا ليس صحيحا، بل سمعت به الدنيا كلها عبر الفضائيات والمواقع الالكترونية والصحف والمجلات والكتب التي نصدرها. ثم إن هنالك أناسا في أدغال القارات لم يسمعوا بالإسلام ولا بغيره، فليست العبرة بالذين لا يريدون أن يسمعوا أو لا يمكنهم السماع.        إن جماعتنا لموجودة في البلدان، وهناك من الحكومات والمؤسسات الدينية التي انشغلت بمحاربتها، وبذلت قصارى جهدها من دون جدوى. ثم إن فكر الجماعة الإسلامية الأحمدية لا يكاد يجهله أحد. فإذا قلت بأن عيسى قد مات، أو قلت بأن الجهاد ليس عدوانا، أو قلت بأن المرتد لا يُقتل، أو قلت بأن تفسير الآية الفلانية كذا وكذا، أو قلت بأن تفسير علامات الساعة كذا وكذا. لقيل لك فورا: أنت أحمدي، أو متأثر بالأحمدية. أفلا يدل هذا على انتشار جماعة المسيح  الموعود عليه السلام؟

شبهة: "لماذا لا يؤمن كبار العلماء بمؤسس جماعتكم؟ أليسوا هم أعلم منا وعلينا الإقتداء بهم؟".

  شبهة: "ل ماذا لا يؤمن كبار العلماء بمؤسس جماعتكم؟ أليسوا هم أعلم منا وعلينا الإقتداء بهم؟". الرد :       إن سبب الكفر بالأنبياء هو "الكبر" عادة، وليس قلة العلم والمعرفة. وقد قص الله تعالى علينا قصة إبليس  الذي أبى واستكبر وكان من الكافرين، ولم يقص الله علينا قصة رجل كفر بنبي بسبب  مستواه العلمي أو الثقافي أو المعرفي.  بل يكون العلم أحيانا من مسببات الكبر والغرور، فيصبح حاجزا وعثرة أمام الإيمان.  وهذا ما حصل مع علماء بني إسرائيل الذين كفروا بالمسيح الناصري عليه السلام قبل ألفي سنة، فلم يكن عندهم قلة من العلماء، بل قلة من تقوى الله تعالى وخشيته، كما تكرر معهم حين كفروا بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قبل 14  قرنا، ولذلك قال الله تعالى: " أَوَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ" سورة الشعراء.   ثم يتكرر الآن.        لقد كان السابقون من المؤمنين من بسطاء الناس وعامتهم وضعفائهم عادةً، وقد ذكر الله تعالى هذه الحقيقة على لسان كفار قوم نوح عليه السلام الذين قالوا له: "وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَ...

شبهة: "ذكر الميرزا أن له مليون آية. فما هي هذه الآيات؟ وهل يعقل ذلك العدد من الآيات؟".

  شبهة: " ذكر الميرزا أن له مليون آية. فما هي هذه الآيات؟ وهل يعقل ذلك العدد من  الآيات؟". الرد :       إن كل لحظة  من حياة المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام يمكن اعتبارها آية، وذلك نظرا لظروفه الصعبة وصحته ومن ثم النجاحات التي حققها فكيف يمكن لشخص فيه مرضان في قرية نائية أن يضطلع بكل هذه المهام وينجح فيها؟ فالمتدبر لا بد أن يرى بأن هذه المسيرة عبارة عن آيات متسلسلة مستمرة. وهناك العديد من الآيات التي هي سلسلة متصلة من عدد لا ينتهي من الآيات، فمعجزة الطاعون مثلا ليست مجرد آية واحدة، بل هي آية ظلت تتجدد في كل لحظة عبر سنوات متواصلة من نجاة الأحمديين وموت كبار الخصوم، وخصوصا من المباهلين، وكيف أدّى ذلك إلى بيعة أعداد هائلة من طاهر ي الفطرة.