"هجوم خطير على أساس الجماعة":
غير أن هناك فرقا واضحًا بين حكومة ١٩٧٤م وبين الحكومة الحالية، أن تلك الحكومة كانت تتحلى بالحياء، فكانت تستحيي مـــن الشعب، وكذلك من الحكومات الأخرى في العالم. غير أنها لم تكن أقل عداوة للجماعة، وإنما كانت تنفذ مثل الحكومة الحالية مخطط الهجوم العنيف على أسس الجماعة وهدم بنيانها. ومن هذه الناحية؛ ليس هناك أي فرق بين حكومة بوتو (يعني ذوالفقار علي بوتو، رئيس الوزراء الباكستاني سابقا، وهو والد السيدة بينظير بوتــو، أطاح بحكومته الجنرال ضياء الحق بانقلاب عسكري ثم أعدمه شنقا (الناشر)) وبين الحكومة الحالية. ولكن بالنسبة للحياء؛ فهناك فرق واضح بينهما. إن السيد بوتو كان قائدا شعبيا، وكان يدعي بكونه محبوبا لدى الشعب. فكان ينوي ألا يفقد شعبيته بفعل ما، يتوهم بــه المواطنون بأنه يريد أن يصبح دكتاتورا يفعل ما يشاء، اللهم إلا ما كان في نطاق الاضطرار الشديد. ولذلك حاول قبل اتخاذ الإجراءات ضد جماعتنا أن يعطي الموقف طابع محاكمة شعبية، برفع الأمر إلى المجلس الوطني. كما منح الجماعة الإسلامية الأحمدية حق الدفاع عن موقفها أمام المجلس حتى لا يعترض عليه العالم الخارجي.
والحق أنه كان ينوي بذلك كسب المزيد من رأي العالم الخارجي، إذ كانت له أمان واسعة وطموحات كبيرة حتى خارج بلده أيضا. فكان لا يرى الكفاية في أن يكون قائد شعبه، وإنما كان يتمنى توسيع نفوذه في المناطق المجاورة، ليتألق أمام العالم كقائد الشرق كله مثل باندت نهرو، حتى يعترف العالم بمهارته السياسية.
هذا ما جعله يستحيي من الرأي العالمي، ويتظاهر لشعبه وللعالم الخارجي وكأنه مضطر اضطرارًا شديدا في أمر الأحمدية. ولكنه مع ذلك؛ لم يخضع لضغوط الناس مباشرة، وإنما رفع القضية إلى المجلس الوطني، وأعطى لوفد الجماعة المتكون من إمامها وبضعة أفراد آخرين فرصـــة الدفاع عن موقفها. واستهلكت النقاشات قسطًا كبيرًا من أوقات المجلس الوطني. وأخيرًا عندما اتفقوا على اتخاذ قرار باعتبارنا أقلية غير مسلمة؛ وجد بوتو في ذلك فرصةً ليقول: ماذا أفعل الآن، ليس أمامي أي خيار.
أما الحكومة الحالية؛ فهي عارية تماما من ثوب الحياء، فهي ليسـت حكومة الشعب، كما لا تبالي بالرأي العالمي. إن الدكتاتور في كل حال دكتاتور، لذلك مهما حاول في الظاهر، فإن الدكتاتورية تفرض عليــه نفسها، وتلزمه بعدم الاكتراث بأي شيء مهما كانت النتائج، ومهمــا صرخ الرأي العام. فمن مزاج المستبدين؛ أنهم لا يحاولون إلا قليلا لكسب الرأي العالمي، فإن كسبوه فبها ونعمت، وإلا فلا يبالون بأي شيء. وهذه النزعة الدكتاتورية قد ظهرت بكل جلاء ووضوح أيضا في الدعاية الحالية ضدنا.
تعليقات
إرسال تعليق