شبهة: "إدعى الميرزا أنه خاتم النبيين الحقيقي، لأن الختمية الحقيقية تظهر في الألف السادس".
قال الميرزا: "اعلموا أن الختمية أعطيت من الأزل لمحمد صلى الله عليه وسلم، ثم أعطيت لمن علمه روحه، وجعله ظله، فتبارك من علّم وتعلّم. فإن الختمية الحقيقية كانت مقدرة في الألف السادس، الذي هو يوم سادس من أيام الرحمن" (الخطبة الإلهامية). ألا يعني هذا أنه يرى نفسه صاحب الختم، وأنه أفضل الأنبياء؟
الرد:
فيما يلي؛ سنذكر ما قاله المسيح الموعود عليه السلام، وسيتبين منه أسلوب المعترض في التحريف.
يقول المسيح الموعود عليه السلام: "وأما عيسى الذي هو صاحب الإنجيل، فقد مات، وشهد عليه ربنا في كتابه الجليل، وما كان له أن يعود إلى الدنيا ويكون خاتم الأنبياء، وقد ختمت النبوة على نبينا، فلا نبي بعده إلا الذي نُورَ بنوره، وجُعل وارثه من حضرة الكبرياء. إعلموا أن الختمية أعطيت من الأزل لمحمد صلى الله عليه وسلم، ثم أعطيت لمن علمه روحه وجعله ظله، فتبارك من روحه وجعله ظله، فتبارك من علم وتعلم. فإن الختمية الحقيقية كانت مُقدّرة في الألف السادس الذي هو يوم سادس من أيام الرحمن، ليشابه أبا البشر من كان هو خاتم نوع الإنسان. واقتضت مصالح أخرى أن يُبعث رسولنا في اليوم الخامس، أعني في الألف الخامس بعد آدم، لما كان اليوم الخامس يوم اجتماع العالم الكبير، وهو ظل لآدم الذي أعزه الله وأكرم، فإن آدم جمع في نفسه كل ما تفرق فيه، ووصل كل ما تجذم. فلا شك أن العالم الكبير قد نزل بمنزلة خلقةٍ أولى لآدم في صور متنوّعة، فقد خُلق آدم بهذا المعنى في اليوم الخامس من غير شك وشبهة، ثم أراد الله أن يُنشئ نبينا الذي هو آدم خلقا آخر في الألف السادس من أيام بدأ الفطرة، ليتم المشابهة في الأولى والأخرى، وهو يوم الجمعة الحقيقية، وكان جمعة آدم ظلاً له عند أولي النهى، فاتخذ على طريق البروز مظهرًا له من أمته، وهو له كالعين في اسمه وماهيته. وخلقه الله في اليوم السادس بحساب أيام بدء نشأة الدنيا لتكميل مماثلته. أعني في آخر الألف السادس، ليشابه آدم في يوم خلقته، وهو الجمعة حقيقة، لأن الله قدر أنه يجمع الفرق المتفرقة في هذا اليوم جمعا برحمة كاملة، ويُنفخ في الصور. يعني يتجلّى الله لجمعهم، فإذا هـم مجتمعون على ملة واحدة إلا الذين شقوا بمشيئة، وحبسهم سجن شقوة، وإليه أشار سبحانه في قوله: (وَءَاخرين منهم) في سورة الجمعة، إيماء إلى الجمعة الحقيقية. وأراد من هذا القول أن المسيح الموعود الذي يأتي من بعد خاتم الأنبياء هو محمد صلى الله عليه وسلم من حيث المضاهاة التامة، ورفقاؤه كالصحابة، وإنه هو الموعود لهذه الأمة، وعدًا من الله ذي العزة في سورة التحريم والنور والفاتحة. قول الحق الذي فيه يمترون، ما كان لنبي أن يأتي بعد خاتم الأنبياء إلا الذي جعل وارثه من أمته وأعطى من اسمه وهويته ويعلمه العالمون، فذلك مسيحكم الذي تنظرون إليه ولا تعرفونه، وإلى السما أعينكم ترفعون، أتظنون أن يرد الله عيسى بن مريم إلى الدنيا بعد موته وبعد خاتم النبيين؟ هيهات هيهات لما تظنون! وقد وعد الله أن يُمسك النفس التي قضى عليها الموت، والله لا يخلف وعده، ولكنكم قوم تجهلون. أتزعمون أنه يُرسل عيسى إلى الدنيا، ويوحي إليه إلى أربعين سنة، ويجعله خاتم الأنبياء، وينسى قوله: "وَلَكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ"؟ سبحانه وتعالى عما تصفون!" (الخطبة الإلهامية).
وقال المسيح الموعود عليه السلام في الحاشية مقابل عبارة: (فتبارك من علم وتعلم): "هذه إشارة إلى وحي من الله كتب في "البراهين الأحمدية"، وقد مضى عليه أزيد من عشرين سنة من المدة، فإن الله كان أوحى إلي وقال: (كُل بَرَكَةٍ مِن مُحَمَّدٍ فَتَبَارَكَ مَنْ عَلَّمَ وَتَعَلَّمْ)؛ يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم علمك من تأثير روحانيته وأفاض إناء قلبك بفيض رحمته، ليدخلك في صحابته وليُشركك في بركته وليتم نبأ الله: (وَءَاخَرِينَ مِنْهُمْ) بفضله ومنته. ولما كان هذا النبأ الأصل المحكم والبرهان الأعظـم علـى دعواي في القرآن؛ أشار الله سبحانه إليه في "البراهين"، ليكون ذكره هذا لحجة على الأعداء من جملة طول الزمان" (الخطبة الإلهامية).
إذن، بات واضحا أن المعترض حرّف المعنى؛ بقصد أو بغير قصد. فما دام المسيح الموعود عليه السلام يشير إلى وحي: "كُلُّ بَرَكَةٍ مِنْ مُحَمَّدٍ الله فَتَبَارَكَ مَنْ عَلَّمَ وَتَعَلَّمْ"، فهذا كاف لدحض شبهته. فالرسول صلى الله عليه وسلم هو المعلم له، والمسيح الموعود عليه السلام هو المتعلم؛ فالختمية الحقيقية هي نفي بعثة نبي من أمة أخرى، ونفي نسخ أي حكم من الشريعة الإسلامية، والتأكيد على عظمة رسولنا وسموه على جميع الخلق، وهذا ما أكد عليه المسيح الموعود عليه السلام مرارا وتكرارا. فالمعنى الحقيقي لختم النبوة سوف يظهر فى الألف السادس متمثلا فى ظهور المسيح المحمدي عليه السلام، فعندئذ يدرك الناس ألا نبي جديدا بعد محمد صلى الله عليه وسلم، فيدركون المعنى الحقيقي لختم النبوة.
تعليقات
إرسال تعليق