التخطي إلى المحتوى الرئيسي

"حل "قضية المائة سنة"":


"حل "قضية المائة سنة"":



      ولم يكتفوا بهذه الدعايات الكاذبة البغيضة فحسب، بل صادروا كتب الجماعة أيضا. ذلك؛ ومع هم يفتخرون بهذه الإجراءات قائلين: انظروا كيف تمكنا من القضاء على هذا الخطر ! فقد كتبوا في بيانهم الأبيض المزعوم، وهم يقارنون بين إجراءات الحكومة السابقة وحكومتهم ضدنا : إنه (أي اعتبار الأحمدية خارجة عن دائرة الإسلام) لمن الإنجازات الكبيرة للبرلمان الوطني حقا.

أقول: 

      إنه هو نفس البرلمان الذي ألغوه واتهموا أعضاءه كلهم إلا قليلا منهم بأنهم أشرار مفسدون. ومع ذلك؛ اعتبروا عملهم هذا إنجازًا كبيرًا. ذلك لأن لهم تفكيرًا مثل تفكيرهم وأعمالا مثل أعمالهم. فقالوا: إن هذا إنجاز كبير لذلك البرلمان إذ قام أعضاؤه بحل "قضية المائة سنة". ولكنهم لم يستطيعوا حل "قضية المائة سنة' تمامًا، بل كانت هناك قوانين وقرارات لم تصدر بعد، وإنما كتب الله لنا أن نصدرها، والآن قمنا بإصدارها، وقضينا على هذه الجماعة، واستأصلنا شأفتها. فلا خطـر الآن علـى العــالموالإسلامي! 

      والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: كيف قاموا بحل تلك القضية؟ وكيف حَمَوا المسلمين من ذلك الخطر؟

      لقد ردّوا على هذا السؤال في آخر "البيان الأبيض" الحكومي المزعوم وقالوا: قمنا بحل هذه القضية بإصدار قرار منعنا به أبناء الأحمدية من رفع الأذان، أو الانتماء إلى الإسلام. فلا يستطيعون الآن أن ينطقوا بالشهادتين، أو يكتبوهما، أو يسمُّوا مساجدهم مساجد. لا يمكن لهم الآن أن يقوموا بشعائر المسلمين، أو يعملوا حسب تعاليم القرآن. انظروا كم نحن مسرورون، وكيف قمنا بحل هذه القضية الخطيرة!

      فكأن هذه هي النتيجة التي توصلوا إليها في آخر الأمر. ولكني أقول: إن للحمق حدودًا. والحمق يتجلى حتى في أعمال الشاطرين الماكرين أيضا. ذلك لأن الذي هو خلو من الصدق يلجأ إلى المكر لتحقيق أهدافه، وبسبب خلُوِّه من الصدق يتسرب الحمق إلى مكره. والحمق لا بد أن يظهر للعيان. فكل هذه الأنواع من الحمق والتعارض في أعمالهم إنمــا ترجع إلى مكر وكذب. إذ لا يمكن أن يؤدي العقل الصادق إلى هذه التناقضات الصارخة.

      لجأت الحكومة الحالية إلى المكر، وظنت أنها أكثر دهاء من حكومة بوتو، وقالت: إنه من حمقه سمح للجماعة بالدفاع عن موقفها في مجلــس الشعب. بل لقد كتب هؤلاء في "البيان الأبيض" المزعوم بأنه لا يليق أصلا الحوار مع من يدعي النبوة، ومن الحمق أن يسعى أحد لإفحامهم بالأدلة والبراهين. لذا إن ما قمنا به هو العلاج الناجع، لا غيره.

      فقاموا بنسج سلسلة من الاتهامات القذرة الخطيرة ظلمًا وزوراً. والقرآن يخبرنا أن مساعي الظالمين لن تجديهم شيئا، حيث قال: " ... فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَّا يُبْصِرُونَ" (البقرة: ۱۸). أي الذين يعيشون في النفاق، وتتعارض أعمالهم مع أقوالهم، ويتكلمون بكلام الحكماء، ومع ذلك يأتون بأعمال الحمقى.. أولئك لا تنفعهم جهودهم شيئا؛ إنهم يوقدون النار ولا شك، بنية التفرج على مشاهد معينة، ولكن الله تعالى يحرمهم من التفرج، إذ يسلبهم نور البصيرة. إنهم يوقدون النار لإحراق الآخرين، ولكن النار نفسها تحرمهم حتى من نور البصيرة، وتتركهم في ظلمات لا يستطيعون فيها الرؤية. 

      وهذا بالضبط ما حدث بالنسبة لمحاولة الحكومة الحالية ضد الجماعة، إذ جلبت على الجماعة خيرًا كثيرًا في حقيقة الأمر، ولن تزال تجلب خيرًا بعد خير إن شاء الله تعالى. والحق أن الجماعة في هذه الأيام تمر بمرحلة يصدق عليها قول الله تعالى في القرآن الكريم: "وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ" (البقرة: ٢١٧). أي في بعض الأحيان تكرهون شيئًا ما، وتتأذون بـه، وتتألمون منه، ولكن الله يجعل لكم فيه خيرًا كثيرًا. تماما كما تفعلـــون بالصغار الذين حينما تسقونهم دواء مرا أو تجبرونهم على الحقن، فإنهم يبكون ويصرخون ولكن بدون جدوى. تعاملون الصغار هكذا، لأن فيه خيرًا لهم. نحن أيضا نبلوكم في بعض الأحيان بأشياء تتألمون منها كثيرًا، ولكنها في آخر المطاف تعود عليكم بخير عميم.

      فمن أكبر الفوائد التي جنتها الجماعة مما نشرته ووزعته الحكومة الباكستانية من منشورات قذرة ضدنا في كل أنحاء العالم، أن الناس اتجهوا إلى التحقيق في أمرها. فمن قبل لم يخطر اسم جماعتنا ببالهم، ولكنهم عندما اطلعوا على ما نُشر عنها، بدأت الجرائد في كل العالم تكتب عـــن هذه الأخبار. وبصدور هذا القرار العسكري الغاشم، ذاع صيت الجماعة على الأقل عشرين ضعفا من ذي قبل. ففي أمريكا بل وفي إنجلترا أيضا؛ كانت الأكثرية الغالبة تجهل حقيقة الجماعة تمامًا. وهذا طبيعي، إذ كيف يمكن لمركز أو مركزين للدعوة إيقاظ عشرات الملايين من الناس. فمـــا كان الناس يولون الجماعة أي اهتمام، ولكن المحن والظروف الصعبة التي مرت بها الجماعة، أدّت إلى جلب التعاطف الإنساني العام لها، الأمر الذي شد الناس إلى التعرف عليها، وفحص أمرها، وذلك عن طريق مطالعة كتب الجماعة، وتوجيه الأسئلة والاستفسارات. وبالإضافة إلى ذلك؛ فلقد ساهم كثيرا في ذيوع صيت الجماعة ما نشرته الحكومة الباكستانية ضدها من منشورات جائرة. ذلك أن منشوراتهم لها أسلوب خاص يدرك به كل ذي عقل أن وراء الأكمة ما وراءها. إذ تقول الحكومة من جهة: إن الأحمديين شرذمة قليلون، وإنهم رغم محاولاتهم المستميتة خلال المائة سنة الماضية لم يتجاوز عددهم سبعين ألفا، ومن جهة أخرى تخافهم هــذا الخوف الشديد، رغم كونها حكومة قوية تحكم عشرات الملايين، بل وتُعلن بأن الأحمدية خطر رهيب يهدد كيان العالم الإسلامي أجمع. 

      هذا قول غير معقول، ولا يمكن أن يستسيغه كل واحد طبعًا. ولذلك؛ فكل من يقرأ هذا البيان الحكومي، يتعاطف مع الجماعة الإسلامية الأحمدية، وإن كان لا يعرف من أمرها شيئًا، أو على الأقل يجد رغبة في التحقيق من أمرها .


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرد على شبهة : " كتاب البراءة يعلن أن الميرزا ولد في عام 1841م " ـ الجزء الثالث عشر ـ .

الجماعة الإسلامية الأحمدية ـ جَاءَ الْحَقُّ ـ زَهَقَ الْبَاطِلُ ـ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا . الجماعة الإسلامية الأحمدية : جماعة الدفاع : عن الإسلام عموما ، عن خاتم النبيين صلى الله عليه و سلم ، عن الصحابة الكرام و أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن و أرضاهن ، عن دعوة الإمام المهدي و المسيح الموعود عليه السلام ، عن القرآن الكريم ، عن السنة النبوية المطهرة ، عن الأحاديث النبوية الشريفة ، عن السلف الصالح ، ضد الإلحاد و الأديان الشركية و الفرق الإسلامية المنحرفة . سلسلة : " جَاءَ الْحَقُّ " 14 : ( ألفت للرد على الإعتراضات السخيفة و الشبهات الوهمية التي تثار حول الإمام المهدي و المسيح الموعود عليه السلام ) . الموضوع : الرد على شبهة : " كتاب البراءة يعلن أن الميرزا ولد في عام 1841م " ـ الجزء الثالث عشر ـ .         لقد رددنا في المنشور السابق على شبهتين حيث توصلنا إلى نتيجتين مهمتين ؛ هما : الأولى : كتاب البراءة نشر قبل إعلان 24 - 02 - 1898م بشهر واحد بالضبط ؛ أي في 24 - 01 - 1898م . و منه ؛ فإن الإعلان قد نشر كأحد لواحق كتاب " البراءة " بعد الط...

يقول الميرزا غلام أحمد: "أنا المقصود بقول الله سبحانه: "هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله"".

الجماعة الإسلامية الأحمدية ـ جَاءَ الْحَقُّ ـ زَهَقَ الْبَاطِلُ ـ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا . سلسلة : " جَاءَ الْحَقُّ " 20 : (ألفت للرد على الإعتراضات السخيفة و الشبهات الوهمية التي تثار حول الإمام المهدي و المسيح الموعود عليه السلام وجماعته المباركة) . الموضوع: يقول الميرزا غلام أحمد: "أنا المقصود بقول الله سبحانه: "هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله"" . مضمون الشبهة:       يقول الميرزا غلام أحمد: "أنا المقصود بقول الله سبحانه: "هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله"". الرد على الشبهة:       لقد تلقى المسيح المحمدي عليه السلام هذه الآية القرآنية كوحي إلهي. ولقد فسر وحيه هذا؛ بقوله: أولا: " ... أي ليُظهر دين الإسلام بالحجج القاطعة والبراهين الساطعة على كل دين سواه، أي ينصر الله المؤمنين المظلومين بإشراق دينهم وإتمام حجّتهم" كتاب "البراهين الأحمدية" ص239. ثانيا: " ... لا يكون في العالم إلا دين واحد وإمام واحد. لقد جئتُ لأبذر البذر، وقد زُرِعَ ذلك ا...

شبهة: "الأحمديين ينكرون الأحاديث، وانتقائيون لها؛ فيأخذون ما يحلوا لهم، ويتركون ما لا يحلو لهم".

شبهة: " الأحمديين ينكرون الأحاديث، وانتقائيون لها؛ فيأخذون ما يحلوا لهم، ويتركون ما لا يحلو لهم". الرد:       نحن لا ننكر الأحاديث النبوية، بل نقدّرها بمجرد أن نعرف أنها منسوبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إن رأينا أنها تعارض القرآن الكريم، حاولنا أن نجد لها تفسيرا آخر يتفق معه - أي القرآن - وتحتمله اللغة العربية. فإن لم  نقدر؛ نترك الحديث، ولا نأخذ به، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يقول قولا يعارض القرآن الكريم.       وقد بين المسيح الموعود عليه السلام ذلك في "مناظرة لدهيانة"، وفي كتاب "سفينة نوح".