شبهة: "كان الميرزا يسيئ بقسوة إلى علماء الأديان، وهذا مما يتنافى مع وجوب الدعوة بحكمة وموعظة حسنة".
الرد:
لقد ردّ حضرته عليه السلام على تهمة إساءته إلى العلماء الصالحين، قائلا: "نعوذ بالله هتك العلماء الصالحين، وقدح الشرفاء المهذبين، سواء كانوا من المسلمين أو المسيحيين أو الآرية، بل لا نذكر من سفهاء هذه الأقوام إلا الذين اشتهروا في فضول الهذر والإعلان بالسيئة، والذي كان هو نقي العرض عفيف اللسان، فلا نذكره إلا بالخير وتكرمه ونُعزّه ونحبّه كالإخوان" (لجة النور).
إن المسيح الموعود عليه السلام يفرق بين كافر عاتٍ وكافر عادي في غير ذلك أيضا، ففي مسألة عذابهم الدنيوي يقول: "ودافع الله عن عبده كل ما مكروا، ولو كان مكرهم يزيل الجبال، وأنزل على كل مكارٍ شيئًا من النكال. وكل من دعا على عبده، رد عليه دعاءه، (وَمَا دُعَاءِ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلَالٍ). وأهلك أكابرهـم عنـد المباهلة متعطفا على الضعفة، حميما بالذين لا يعلمون حقيقة الحال" (الاستفتاء).
إن هذا كله مصداق لقوله تعالى: "ولا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا منهم". وقوله تعالى: "فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ هُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا". ولقد وصف الله تعالى بعض عتاة الكفر بقوله: "عُتُل بَعْدَ ذلِكَ زنيم"، وبقوله: "تَبَّتْ يَدَا أَبِي لهب وَتَبْ".
يقول المسيح الموعود عليه السلام: "وليكن معلوما أيضا؛ مع أنكم ستجدون بعض الكلمات القاسية في كتبي، وقد تستغربون هذه القسوة. ولكن سرعان ما يزول هذا الاستغراب حين تقرأون منظومه ومنثوره البذيء للغاية؛ فقد تجاوز هذا الشقي في بذاءة اللسان وكيل الشتائم كل الحدود، ولا أظن أن أبا جهل استخدم لسانا بذيئا إلى هذه الدرجة ضد النبي صلى الله عليه وسلم، بل أقول يقينا إنه لا يمكن العثور على عدو استخدم لسانا بذيئا مثل سعد الله ضد أي نبي من أنبياء الله الذين جاءوا إلى الدنيا. إنه لم يدخر جهدا في أي نوع في العداوة والبغضاء، وقد لا يعرف السفلة من الناس أسلوبا بذيئا للشتائم مثله، فكان يستخدم أقسى الكلمات وأبذا الشتائم وبكل وقاحة. متخليا تماما عن الحياء، بحيث لا يجاريه أحد في تلك الطبيعة الخبيثة، إلا الذي وُلد من بطن أمه بطبيعة ملوثة. إن أولاد الأفاعي أفضل من مثل هؤلاء الناس. لقد صبرت كثيرا على بذاءة لسانه، وتمالكت نفسي، ولكنه حين تجاوز جميع الحدود، وانهار سد بذاءته الباطنية. استعملت بحسن النية كلمات كانت في محلها. لا شك أن تلك الكلمات كما ورد فيما سبق قاسية بعض الشيء، ولكنها ليست من قبيل الشتائم بل تطابق الواقع، وكتبت عند الضرورة تماما. لا شك أن كل نبي كان حليما، ولكن كل واحد منهم اضطر لاستخدام مثل هذه الكلمات في حق أعدائه نظرا إلى واقع الأمر. فمثلا كم يدعي الإنجيل تعليما لينا، ومع ذلك وردت في الأناجيل نفسها عن الكتبة والفريسيين وعلماء اليهود كلمات مثل المخادعين والمكارين والمفسدين وأولاد الأفاعي والذئاب وذوي طبائع السيئة والبواطن الفاسدة، وأن المومسات يدخلن الجنة قبلهم. كذلك وردت في القرآن الكريم كلمة "زنيم" وغيرها. فالظاهر من ذلك كله أن الكلمة التي تُستخدم في محلها لا تُعد من الشتائم. لم يسبق نبي من الأنبياء بكلام قاس، بل عندما بلغت بذاءة لسان الكفار الخبثاء ذروتها؛ عندئذ استخدموا تلك الكلمات بوحي من الله أو بإذنه. وهكذا تماما جرت عادتي مع معارضي، وليس لأحد أن يثبت أني سبقت أحدا من المعارضين بكلام قاس قبل استخدامه هو كلاما بذيئا. عندما تجاسر المولوي محمد حسين البطالوي، وتشدق، وسماني دجالا، وأملى فتوى التكفير ضدي، ودفع مئات المشايخ من منطقة البنجاب والهند ليشتموني، وليعتبروني أسوأ من اليهود والنصارى، وسماني كذابًا ودجالا، مفتريا، مخادعا، مراوغا، فاسقا، فاجرًا وخائنًا، عندها ألقى الله تعالى في رُوعي أن أدافع عن نفسي ضد تلك الكتابات بحسن النية. لستُ عدوا لأحد بدافع الثوائر النفسانية، بل أود أن أحسن إلى الجميع، ولكن ماذا أفعل إذا تجاوز أحدٌ الحدود كلها؟ وإني لأمل العدل من الله، وقد آذاني هؤلاء المشايخ إيذاء كثيرا، بل إلى حد لا يطاق، وجعلوني عرضة للاستهزاء والسخرية في كل شيء. فماذا أقول إلا: "يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ"؟" (حقيقة الوحي). ثم إن وصف القرآن الكريم للكفار بالأنعام والدواب والقردة والخنازير لا يكاد يُجهل.
تعليقات
إرسال تعليق