التخطي إلى المحتوى الرئيسي

شبهة: "الأحمدية تكفر الناس، ثم تشكوا من تكفيرها".


شبهة: "الأحمدية تكفر الناس، ثم تشكوا من تكفيرها". 





الرد :

      هنالك مسألتان لا بد من التفريق بينهما:

- أولا: مسألة إطلاق لفظ الكفر أو الإيمان على شخص.

- ثانيا: مسألة استحقاقه العذاب.

      هذان أمران مختلفان، ولا تلازم بينهما، أي قد نسمي شخصا كافرا، بينما هو يستحق دخول الجنة، وقد نطلق على شخص صفة الإسلام، وهو في جهنم. مثال على الحالة الأولى: شخص لم يسمع بالإسلام البتة، ولكنه يعبد الله كما وصله، ويقوم بالعمل الصالح، فهو - في اصطلاحنا - كافر، ولكنه في الجنة. هـو كـافر لأنه لم يعتنق الإسلام، وفي الجنة لأنه قام بما يجب عليه، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها. ومثال على الحالة الثانية: شخص أعلن الإسلام، وباطنه غير ظاهره، فنحكم بإسلامه؛ أي هو مسلم، ولكن مصيره جهنم. وهذه المسألة لا خلاف يُذكر فيها بين المسلمين؛ فمَن يُسمّي اليهود والنصارى مسلمين؟ إنهم كفار بالرسالة الإسلامية، ولكن؛ هل كل يهودي وكل نصراني في النار؟ الجواب: إن ذلك يعتمد على سبب عدم إيمانه بالإسلام، والله وحده من يعلم السبب الحقيقي، وفيما إذا كان معذورا فيه. أي أننا لا نستطيع الإجابة على هذا السؤال البتة. أما وصف شخص بأنه مسلم أو كافر، فهذا يمكننا أن نطلقه بسهولة.

      إن القضية الأخرى الهامة هنا؛ هي أن الإيمان بالمسيح الموعود عليه السلام ليس قضية ثانوية، بل هذا الإيمان واجب كوجوب الإيمان بأي نبي سابق، والكفر به جريمة كحال الكفر بأي نبي سابق. 

      إن كفر أي مسلم بالمسيح الموعود عليه السلام يساوي كفر أي يهودي بالمسيح الناصري عليه السلام حين بعث إليهم، ويساوي كفر أي مسلم بالمسيح الناصري عليه السلام حين ينزل من السماء على فرض أنه سينزل. لذا يمكن أن نطلق لفظ "كافر" على من لا يؤمن بالمسيح الموعود عليه السلام من هذا الباب، ولكن هذا لا علاقة له بالحكم عليه بدخول الجنة أو النار. ولا علاقة له بأنه معذور في عدم الإيمان أو غير معذور، لأن هذا يعلمه الله تعالى وحده.

      هذه الجملة التي قالها الخليفة الثاني للمسيح الموعود عليه السلام لا بدّ من فهمها في ضوء هذه التوطئة، وفي ضوء سياقها ... حيث يقول الخليفة الثاني رضي الله عنه شارحا إياها تحت عنوان:

"عقيدتي بشأن كفر غير الأحمديين":

      "أعتقد أن الكفر هو نتيجة إنكار الله تعالى. عندما ينزل من الله تعالى وحي؛ يكون الإيمان به ضروريا للناس، وإنكاره كفر. وبما أن الإنسان لا يؤمن بالوحي إلا إذا آمن بمن نزل عليه الوحي، لذا لا بد من الإيمان بصاحب الوحي، ومن لا يؤمن به فهو: "كافر". ليس بسبب أنه لا يؤمن بزيد أو عمرو، بل لأن إنكاره للوحي وصاحب الوحي يؤدي إلى إنكار كلام الله وعندي أن الكفر بالأنبياء كلهم يعود إلى هذا المبدأ وليس بسبب إنكار شخصهم. وبما أن الوحي الذي يجب الإيمان به لا ينزل إلا على الأنبياء، لذا؛ فإن إنكار الأنبياء فقط هو الذي يؤدي إلى الكفر. أما إنكار غير الأنبياء؛ فلا يؤدي إلى أي كفر. وبما أن الوحي الذي قد فرض على الناس جميعا الإيمان به قد نزل على المسيح الموعود، لذا أرى أن الذين لا يؤمنون به کافرون بحسب القرآن الكريم، حتى لو آمنوا بوحي آخر؛ لأنه إذا وجد وجه واحد من أوجه الكفر في شخص؛ لأصبح كافرا. والكفر عندي هو إنكار مبدأ من المبادئ التي يُعتبر رافضها متمردا وعاصيا لله، أو تموت الروحانية فيه بسبب إنكاره إياها. ولكن هذا لا يعني أن شخصا مثله يُعذب بعذاب غير مجذوذ إلى الأبد. وبما أن أوامر الإسلام تحكم على الظاهر، لذا؛ فالذين لا يؤمنون بنبي، وإن كان سبب عدم إيمانهم أنهم لم يسمعوا به، سوف يعتبرون كافرين حتى لو كانوا غير مستحقين للعذاب عند الله، لأن عدم إيمانهم لم يكن ناتجا عن خطأ منهم.

      والمعلوم أن المسلمين كلهم على مر العصور؛ ظلوا يعتبرون الذين لم يدخلوا الإسلام كافرين، وإن لم يسمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم. لم يحدث إلى اليوم أن أحدا قد أصدر فتوى بكونهم مسلمين. كما لم يفتوا بإسلام آلاف مؤلفة من المسيحيين من ساكني الجبال في أوروبا ممن لم يسمع بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم يطلع على تعليم النبي صلى الله عليه وسلم."

 (مرآة الصدق، ص 113).


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شبهة: "بحسب الأحاديث؛ عندما يظهر المهدي؛ تسمع به الدنيا كلها. لكن الميرزا لا يسمع به إلا القليل!!".

شبهة: " بحسب الأحاديث؛ عندما يظهر المهدي؛ تسمع به الدنيا كلها. لكن الميرزا لا يسمع به إلا القليل!!". الرد:       أما أنه لم يسمع بالإمام المهدي عليه السلام إلا القليل، فهذا ليس صحيحا، بل سمعت به الدنيا كلها عبر الفضائيات والمواقع الالكترونية والصحف والمجلات والكتب التي نصدرها. ثم إن هنالك أناسا في أدغال القارات لم يسمعوا بالإسلام ولا بغيره، فليست العبرة بالذين لا يريدون أن يسمعوا أو لا يمكنهم السماع.        إن جماعتنا لموجودة في البلدان، وهناك من الحكومات والمؤسسات الدينية التي انشغلت بمحاربتها، وبذلت قصارى جهدها من دون جدوى. ثم إن فكر الجماعة الإسلامية الأحمدية لا يكاد يجهله أحد. فإذا قلت بأن عيسى قد مات، أو قلت بأن الجهاد ليس عدوانا، أو قلت بأن المرتد لا يُقتل، أو قلت بأن تفسير الآية الفلانية كذا وكذا، أو قلت بأن تفسير علامات الساعة كذا وكذا. لقيل لك فورا: أنت أحمدي، أو متأثر بالأحمدية. أفلا يدل هذا على انتشار جماعة المسيح  الموعود عليه السلام؟

شبهة: "لماذا لا يؤمن كبار العلماء بمؤسس جماعتكم؟ أليسوا هم أعلم منا وعلينا الإقتداء بهم؟".

  شبهة: "ل ماذا لا يؤمن كبار العلماء بمؤسس جماعتكم؟ أليسوا هم أعلم منا وعلينا الإقتداء بهم؟". الرد :       إن سبب الكفر بالأنبياء هو "الكبر" عادة، وليس قلة العلم والمعرفة. وقد قص الله تعالى علينا قصة إبليس  الذي أبى واستكبر وكان من الكافرين، ولم يقص الله علينا قصة رجل كفر بنبي بسبب  مستواه العلمي أو الثقافي أو المعرفي.  بل يكون العلم أحيانا من مسببات الكبر والغرور، فيصبح حاجزا وعثرة أمام الإيمان.  وهذا ما حصل مع علماء بني إسرائيل الذين كفروا بالمسيح الناصري عليه السلام قبل ألفي سنة، فلم يكن عندهم قلة من العلماء، بل قلة من تقوى الله تعالى وخشيته، كما تكرر معهم حين كفروا بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قبل 14  قرنا، ولذلك قال الله تعالى: " أَوَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ" سورة الشعراء.   ثم يتكرر الآن.        لقد كان السابقون من المؤمنين من بسطاء الناس وعامتهم وضعفائهم عادةً، وقد ذكر الله تعالى هذه الحقيقة على لسان كفار قوم نوح عليه السلام الذين قالوا له: "وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَ...

شبهة: "ذكر الميرزا أن له مليون آية. فما هي هذه الآيات؟ وهل يعقل ذلك العدد من الآيات؟".

  شبهة: " ذكر الميرزا أن له مليون آية. فما هي هذه الآيات؟ وهل يعقل ذلك العدد من  الآيات؟". الرد :       إن كل لحظة  من حياة المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام يمكن اعتبارها آية، وذلك نظرا لظروفه الصعبة وصحته ومن ثم النجاحات التي حققها فكيف يمكن لشخص فيه مرضان في قرية نائية أن يضطلع بكل هذه المهام وينجح فيها؟ فالمتدبر لا بد أن يرى بأن هذه المسيرة عبارة عن آيات متسلسلة مستمرة. وهناك العديد من الآيات التي هي سلسلة متصلة من عدد لا ينتهي من الآيات، فمعجزة الطاعون مثلا ليست مجرد آية واحدة، بل هي آية ظلت تتجدد في كل لحظة عبر سنوات متواصلة من نجاة الأحمديين وموت كبار الخصوم، وخصوصا من المباهلين، وكيف أدّى ذلك إلى بيعة أعداد هائلة من طاهر ي الفطرة.