التخطي إلى المحتوى الرئيسي

شبهة: "القاديانية تعتمد على الثورة السرية المسلحة في إسقاط أنظمة الحكم، وتمنع أفرادها من قتال المحتلين".


شبهة: "القاديانية تعتمد على الثورة السرية المسلحة في إسقاط أنظمة الحكم، وتمنع أفرادها من قتال المحتلين". 


الرد:

      إن المسلم المعتدى عليه إما أن يكون حاكما أو محكوما فإن كان حاكما، فواجبه الدفاع عن رعيته؛ لقوله الله صلى الله عليه وسلم: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتهِ، الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رعيته ..." (البخاري). وهذا الدفاع يستلزم إعداد الجيش وتسليحه بأقوى الأسلحة. أما إن كان المسلم المعتدى عليه محكومًا؛ أي مواطنا في دولة، فإنه لا بد أن يكون خاضعا لهذه الدولة ونظامها، وهذا يتضمن أن يتصرف بناء على القانون في دولته، والقانون يقضي بأن يشتكي أي مظلوم إلى المحكمة، لا أن يأخذ القانون بيده. وبالتالي؛ بات مفهوما أن جماعتنا إن تعرضت لعدوان في أي بلد، فإنها تلجأ إلى المحاكم لتشتكي إن شاءت، أو تصبر على هذا الظلم، مصداقا لقوله تعالى: "وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ". وأما إن كان المعتدي على الجماعة هي الدولة نفسها، ( أي هو النظام الحاكم نفسه)، فإن الجماعة تسير في مراحل ثلاث في مواجهة هذا الاضطهاد الديني:

* أولا: تصبر على الظلم قدر المستطاع 

* وثانيا: يهاجر أفرادها إن استطاعوا الهجرة. 

* وثالثا: إن منعوا من الهجرة، فقد صار جائزا لهم أن يخرجوا على هذه الدولة الظالمة المخلة بأمن مواطنيها المسالمين ويقاتلوها. والذي يقرر الخروج من عدمه هو أمير المؤمنين وليس أي فرد منها، فلا يجوز الخروج بناء على قرار فردي.

      إن أمير المؤمنين يلجأ إلى الدعاء في هذه المسألة إلى الله تعالى الذي يهديه إلى خير قرار، ثم يقوم بالتشاور مع الجماعة، فإن قرر الخروج، فلا بد من إعلان هذا الخروج قبل القيام بأي عمل ضد الحكومة. وإلا، فإن هذا غدر وخيانة وكذب؛ يقول الخليفة الثاني للمسيح الموعود في التفسير الكبير : "إن الإسلام يمنح الإنسان حق المقاومة للحكومة التي تضطهده، وتمنعه من الهجرة إلى بلد آخر. ويسمح له أن يثور عليها ثورة سرية (قد يظن أول وهلة أن هناك تعارضا بين الفقرة السابقة التي تؤكد على أن الخروج على الحاكم لا بد أن يسبقه إعلان، وبين هذه العبارة التي تجيز الثورة السرية، والحق أنه ليس هنالك من تعارض. فمعلوم أن أي عمليات عسكرية بين المتحاربين لا بد أن تتضمن مقدارا من السرية حول تفاصيل قوة كل طرف وتسليحه وخططه. أما فيما يتعلق بالثورة، فالثورة السرية المشروعة لا تعني التمرد مع إظهار الولاء، وإنما تعني الحرص على إخفاء أكبر للمعلومات التفصيلية، وهذا ما يحدث عادة عندما يكون المضطهدون في أقاليم مختلطة تسيطر عليها الحكومة سيطرة كاملة. أما عندما يكون الثوار في أقاليم منفصلة يشكلون فيها غالبية، ولا تسيطر عليها الحكومة سيطرة كاملة؛ فهم غالبا يكونون أقل سرية، ويظهرون مزيدا من التفصيلات حول ثورتهم. أي أن مقدار السرية الذي قد يزيد أو ينقص إنما يتعلق بالظروف. المهم ألا يتضمن الأمر أي كذب أو غدر أو خيانة) أو علنية. يصرح الإسلام بأنه إذا غضب عليكم الحاكم ظلما واضطهدكم، فانتظروا واصبروا حتى يأتي فرج الله تعالى. وإذا اشتد الاضطهاد بحيث لم تعودوا تستطيعون الصبر، فاهجروا تلك الأرض إلى أخرى. فإذا منعكم من الهجرة ولم ينفك عن الاضطهاد؛ فلكم أن تقاوموه وأنتم في بلده ... إن المؤمنين يصبرون على ما يستطيعون عليه صبرا، أما إذا رأوا أنهم لا يستطيعون الصبر؛ صرحوا بأننا لا نستطيع صبرا ... فخذوا أموالنا وأرضنا وديارنا وخلوا سبيلنا. ولكن إذا منعتهم الحكومة من ذلك أيضًا، فلهم الحق في مقاومتها؛ لأنهم ضحوا بأموالهم وديارهم ولم يخلوا بالأمن، ولكن الحاكم هو الذي يخل بالأمن، إذ يمنعهم من الهجرة، ويدفعهم لمقاومته." (التفسير الكبير؛ ج 2، تفسير الآية 103 من سورة البقرة).

      إذا؛ لا بد من التأكيد أن المرحلة الثالثة تجيز الخروج ولا توجبه، والأولى أن يختار المسلم الصبر أو الهجرة، لأن الصبر جزء من الدعوة، جزء من القدوة، ولأنه بالصبر والتحمل يصنع الرجال الروحانيون، وهذا هو هدف الدين.

      باختصار، فإن رد عدوان الحاكم الظالم إذا اقتضى الأمر ذلك كخيار أخير؛ لا يكون بقرار فردي، وإنما يكون بقرار الخليفة. فهو يقود الجماعة على ضوء هدي رباني، وبناء على شورى المؤمنين، فهو أدرى بالقرار المناسب. ولكن لا بد من التنبيه إلى أننا نتحدث عن الخيار الثالث من باب التأصيل النظري، وإلا فإن هذا غير حاصل الآن. وهكذا حين تحدث الخليفة الثاني، فقد أجاب على ذلك من باب احتمالية حصول ذلك، وليس من باب أنه لا بد أن يقع.

      لقد تنبأ الرسول صلى الله عليه وسلم أن المسيح الموعود عليه السلام: "سيضع الحرب" (البخاري). أي أن الحروب الدينية ستنتهي في عهد المسيح الموعود عليه السلام. ففي هذا العصر؛ انتهى القتال الديني، ولن تقوم حروب حقيقية بين الشعوب بسبب الدين.

      إن القتال الدائر هذه الأيام ليس ضد الإسلام، بل هو ضد حكومات إسلامية، ولا شك أنه يجب على هذه الحكومات أن تدافع عن نفسها وبلدها وأرضها، وهذا ليس قتالا دينيا. ورغم أن الحكومة الباكستانية قد سنّت قانونا ظالما ضد جماعتنا، لكن هذه الحكومة لم تدع إلى قتل الأحمديين. كما أننا لم نجبن قط، بل أعلنا أنهم لا يمكن أن يمنعونا من نطق الشهادة وأداء الصلاة أبدا. لقد ملأ الأحمديون السجون، ولكن لم نقبل قرارهم.

      إن من واجب المسلم أن يقاتل دفاعا عن بلده كلما خاضت حكومته حربًا ضد حكومات أخرى. وإن تضحيات الجنود الأحمديين في حروب باكستان ضد الهند المعروفة، وقد استشهد عدد منهم في هذه الحروب. ثم إنه لا بد من التذكير أن القتال من مهمات الحكومات وليس التنظيمات، وإن ما تفعله كثير من التنظيمات هذه الأيام ليس إلا فسادًا في الأرض؛ إذ يقتلون الأبرياء، بل يقتل المسلم أخاه المسلم. والقرآن الكريم يأمر الحكومات الإسلامية أن تجتمع ضد هؤلاء المفسدين، لإيقاف هذا الفساد والظلم؛ لقوله تعالى: "وَإنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ".


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أي الفريقين كان غراسا للإنجليز، وعميلا للقوى الغربية: الأحمدية أم معارضوها من الوهابيين؟

أي الفريقين كان غراسا للإنجليز، وعميلا للقوى الغربية: الأحمدية أم معارضوها من الوهابيين؟ * الوهابيون هم "غراس الإنجليز": ومن عجائب قدرة الله أنه تعالى انتقم للأحمدية وأظهر الحق بلسان أعدائهم، حيث تبادلت هذه الفرق الإسلامية نفس التهمة فيما بينها، وسمت بعضها بعضا بأنها "غراس الإنجليز"، في حين أن سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود الله لم يستخدم هذه التسمية لفرقته أبدًا.       فقد ورد في مجلة "جتان" عن البريلويين ما يلي: "إنهم أفتوا بأن الإنجليز هم أولو الأمر، وأن الهند دار الإسلام. ثم تحول هذا الغراس الذي غرسه الإنجليز بعد أيام إلى حركة دينية." (مجلــة "جتــــان" الصادرة في لاهور، عدد ١٥ أكتوبر ١٩٦٢م).        وكتب مدير مجلة "طوفان": " بكل مكر ودهاء، غَرَسَ الإنجليز غراس الحركة النجدية (أي الوهابية) أيضا في الهند، وتولوا رعايتها بأنفسهم إلى أن اكتمل نماؤها وازدهارها" (مجلة "طوفان" الباكستانية، عدد ٧ نوفمبر ١٩٦٢م). * الحقائق تتكلم !       الواقع؛ إن إلصاق التهم ليس بدليل، كما إننا لا نعتبر اتهامهم لنا بأننا غر

شبهة: "ادعى المرزا أنه "المهدي"؛ لإصابته بالهستيريا".

شبهة:   " ادعى المرزا أنه "المهدي"؛ لإصابته بالهستيريا". الرد:       لقد رد المسيح الموعود عليه السلام على هذا الانتقاد، حيث كتب في كتابه "إزالة الأوهام" في سنة 1891م ردا على انتقاد المعارضين ما تعريبه : "... الانتقاد الثاني الذي وُجّه إلي بأنني ما ادعيت بكوني مسيحا موعودا إلا بسبب الهيستريا والجنون، فإنني أقول ردّا على هذا؛ بأني لا أغضب على من يتهمني بالجنون أو بإصابة في العقل، بل أفرح لذلك لأن كل نبي ورسول سمي بهذا الإسم أيضا في  زمنه، ونال المصلحون هذا اللقب من أقوامهم منذ القدم، وأنا سعيد لتحقق هذا النبأ عني أيضا، فقد تلقيته من الله سبحانه وتعالى ونُشِرَ في كتابي: "البراهين الأحمدية"، وقد جاء فيه أن الناس سوف يقولون ع ني أني مجنون..." (الخزائن الروحانية ج 3 - كتاب: إزالة الأوهام، ص403).   ثم كتب حضرته أيضا، تعريبا عن الأردية: ". .. كان الله سبحانه وتعالى يعلم أنه لو أصابني مرض خبيث كالجذام أو الجنون أو العمى أو الصرع. فيستنتج الناس منه نزول الغضب الإلهي عليّ، ولأجل ذلك بشرني قبل فترة طويلة، وسجّلتُ بشارته في كتابي: "البراه

شبهة: "تناقض الميرزا؛ فتارة يقول أن النصارى لم يفسدوا في حياة المسيح، وتارة يقول عكس ذلك".

  شبهة: "تناقض الميرزا؛ فتارة يقول أن النصارى لم يفسدوا في حياة المسيح، وتارة يقول عكس ذلك".        أكد الميرزا أن المسيح الناصري عليه السلام قد مات قبل فساد دين النصارى، وذلك بقوله: "انظر كيف ثبت وقوع موته قبل فساد مذهب النصارى واتخاذهم عيسى إلها"(حمامة البشرى). ولكنه وصف بولس بأنه "أول رجل أفسد دين النصارى، وأضلهم، وأجاح أصولهم ومكر مكرًا كبارا" (حمامة البشرى). أليس هذا تناقضا، فبولس مات سنة 64 ميلادية، أي أن النصارى فسدوا قبل هذه السنة، ولكن المسيح مات سنة 120 ميلادية كما تقولون، فكيف لم يفسد دين النصارى قبل سنة 120  ميلادية ، وفسد بعد سنة 64  ميلادية ؟ الرد:       المقصود من الفساد في العبارة الأولى: (انظر كيف ثبت وقوع موته قبل فساد مذهب النصارى، واتخاذهم عيسى إلها) ، هو تأليه المسيح. فهذا لم ينتشر ولم يصبح عقيدة أكثر النصارى إلا بعد سنة 325  ميلادية ، وذلك عند دخول "قسطنطين" المسيحية وتلاعبه بها. والمقصود بالفساد في العبارة الثانية التي اعتُبر فيها بولس؛ بأنه أول رجل أفسد دين النصارى، وأضلهم، وأجاح أصولهم؛ هو أن بولس قد بذر هذه البذرة، ولك