التخطي إلى المحتوى الرئيسي

شبهة: "توفي الميرزا في بيت الخلاء".




شبهة: "توفي الميرزا في بيت الخلاء".






الرد:

إن هذا لمن أكبر أكاذيب الخصوم.

      إن الحقيقة التي يعرفها القاصي والداني هي أن المسيح الموعود عليه السلام فارق الحياة مستلقيا على فراشه، وكان حوله العشرات من الناس، وكان من بينهم بعض الأطباء المشهورين، بالإضافة إلى أفراد عائلته وبعض صحابته، ولم يتفوّه أحد منهم بمثل هذا القول، ولم يذكر أحد أنه توفي في المرحاض أو في بيت الخلاء، فكيف يزعم أولئك الذين لم يكونوا حاضرين تلك الواقعة حدوث أمر لم يره ولم يقل به أي شخص من بين أولئك الذين كانوا بالفعل شاهدي عيان طوال الفترة التي لقي فيها المسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام ربه؟

      لقد سجّلت تلك الواقعة في أكثر من كتاب، وجاء ذكرها في أكثر من مرجع، فقد كان المسيح الموعود عليه السلام قد وصل إلى لاهور في صحبة السيدة زوجته وبعض أفراد عائلته وصحابته، ونزل في بيت واحد من فضلاء أفراد جماعته هناك. وكان عليه السلام يعاني من مرض الدوسنطاريا الذي كان يعاوده من حين لآخر.

       وفي يوم 23 من ربيع الثاني 1326 هـجري، الموافق 25-5-1908، عاوده المرض، وقد جمع صلاتي المغرب والعشاء، وتناول قليلا من الطعام. ثم أحس بالرغبة في قضاء حاجته، فذهب إلى بيت الخلاء، ثم عاد إلى غرفته لينال قسطا من الراحة، ونام بعض الوقت، ونام أهله، ولكنه استيقظ مرة أو مرتين أثناء الليل لقضاء حاجته. وعند الساعة الحادية عشرة في تلك الليلة؛ استيقظ مرة أخرى، وقد شعر بضعف شديد، فأيقظ زوجته، وبعد قليل ازداد شعوره بالضعف، فاستأذنته زوجته أن تدعو حضرة المولوي نور الدين القرشي رضي الله عنه الذي كان طبيبا حاذقا، وكان أيضا من أقرب وأحب صحابته إليه، فوافق حضرته على استدعائه واستدعاء ابنه سیدنا محمود رضي الله عنه، وكان حينئذ في التاسعة عشرة من عمره. 

      وقد جاء مولانا نور الدين رضي الله عنه، كما جاء الدكتور محمد حسين والدكتور يعقوب بيك، وقال لهم عليه السلام أنه يعاني من الدوسنطاريا، وسألهم أن يقترحوا له دواء، ثم أضاف قائلا: في الحقيقة، إن الدواء موجود في السماء، فعليكم بالدواء والدعاء. وقد قام الأطباء بمعالجته، ولكن الضعف كان يزداد، وشعر بالجفاف في لسانه وحلقه، وكان عليه السلام يردد بين حين وآخر: "يا إلهي يا حبيبي". ولعل هذا يُذكرنا بما قاله سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه، إذ ورد في صحيح البخاري بأن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رأس النبي صلى الله عليه وسلم على فخذي، فغشي عليه، ثم أفاق، فأشخص بصره إلى سقف البيت ثم قال: "اللهم الرفيق الأعلى"" (كتاب المغازي، باب آخر ما تكلم النبي صلى الله عليه وسلم).

      كان صحابة المسيح الموعود عليه السلام وجميع الحاضرين في حالة من القلق والاضطراب، وكان البعض يقوم بخدمته، والبعض الآخر يؤدون صلاة التهجد، وقد كتب ابنه ميرزا بشير أحمد رضي الله عنه: " ... حينما رأيت وجه والدي في صباح ذلك اليوم؛ انتابني القلق، واستولى علي شعور بأن هذا ليس إلا مرض الموت".

      وفي حوالي الساعة الخامسة صباحا؛ وصل نواب محمد علي رضي الله عنه، وهو زوج ابنته عليه السلام ومن أبرز صحابته. ولما دخل؛ سلّم على المسيح الموعود والإمام المهدي فرد عليه السلام. ثم سأل: هل حان وقت صلاة الفجر؟ قيل: نعم. فضرب بكفيه على الفراش وتيمم، ثم أخذ يُصلي الفجر. ولكنه غشي عليه أثناء الصلاة. وبعد قليل أفاق؛ فسأل ثانية: هل حان وقت صلاة الفجر؟ فقيل: نعم. فنوى لصلاة الفجر ثانية، وراح يؤدي الصلاة حتى فرغ منها، ثم غشي عليه، وهو يردد هذا الكلمات: "يا إلهي يا حبيبي".

      في الساعة الثامنة صباحا؛ سأله أحد الأطباء الذين كانوا يتولون علاجه عما إذا كان يشعر بألم أو أذى في أي جزء من أجزاء جسده الشريف، ولكنه لم يستطع أن يجيبه لشدة الضعف، وأشار إلى الحاضرين طالبا ورقة وقلما، وكتب أنه يشعر بضعف شديد، ولذلك فإنه لا يرد عليهم. 

      وفي الساعة التاسعة صباحا؛ تدهورت حالته، وكانت أنفاسه الشريفة طويلة، وقد بات واضحا للحاضرين أنه في اللحظات الأخيرة من حياته. 

      وفي الساعة الحادية عشرة قبيل ظهر ذلك اليوم، فاضت روحه الطاهرة للقاء حبيبها، وانتقل إلى الرفيق الأعلى في جنة الخلد، وإنا لله وإنا إليه راجعون. 

      وبذلك انقضت أيام عمره المبارك؛ الذي بلغ فيه الخامسة والسبعين ونصف العام (هجري).

      هذه هي تفاصيل مراحل مرضه الذي توفي فيه، وقد نقلتها هنا بالتفصيل والترتيب، وتؤكد لنا هذه الحقائق الموثقة على أنه قضى حاجته للمرة الأخيرة في الساعة الحادية عشر ليلا، وبعدها لازم فراشه حتى الساعة الحادية عشرة من اليوم التالي، وطوال هذه المدة؛ بقي على فراشه، وصلى صلاة الفجر على فراشه، وجاد بأنفاسه الشريفة على فراشه أمام الكثيرين من الحضور في ذلك اليوم.

      ونحن نتحدى كل أولئك المتخرّصين والكذابين والمفترين المضللين أن يأتوا بشهادة واحدة لشاهد عيان أن حضرته قد توفي في المرحاض، فإن لم يستطيعوا.. ولن يستطيعوا.. فليتقوا الله ربهم، وليخشوا يوما تشخص فيه الأبصار. إنهم بهذا الإفك الذي يخترعونه، وبهذا التزوير الذي يفترونه، إنما يماثلون تماما أولئك المستشرقين الغربيين الذين هم أعداء الإسلام، والذين راحوا يصفون كيف توفي سيد الأنبياء، وكيف أنه كان يتألم في مرضه الذي توفي فيه؛ حتى أنه كان يقول: "إن للموت لسكرات". وكيف أنه كان لا يقوى على المسير؛ حتى أنه كان يخط بقدميه على الأرض، وهو يتحامل على كتفي رجلين من صحابته. وكيف أنه لم يقو على أداء الصلاة؛ فأمر أن يؤم أبو بكر المصلين. وكيف أنه كان يفقد الوعي؛ وهو في النزع الأخير، وكيف أنه كان يكابد الآلام الشديدة؛ حتى أن ابنته فاطمة رضي الله عنها راحت تبكي بجواره. إنهم يذكرون كل هذه الأمور ليوهموا القارئ أن هذا العذاب الذي تحمله رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إنما كان بسبب غضب الله عليه في أيامه الأخيرة - معاذ الله - ، وإن كانوا لا يقولون هذا صراحة، وإنما يتركون للقارئ أن يستنتجه بنفسه. 

      إن أعداء الجماعة الإسلامية الأحمدية على نفس النهج الذي سار عليه أعداء الإسلام من قبل، ولكن مع فارق كبير ، وهو أن أعداء الإسلام لم يخترعوا أكذوبة، ولم يفتروا فرية كما يفعل الآن أعداء سيدنا المسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام، وإنما ذكروا الحقائق بأسلوب يستنتج منه القارئ ما يريدون له أن يستنتج من دون أن يتفوّهوا به صراحة. أما أعداء المسيح الموعود عليه السلام؛ فلم يستحوا أن يفتروا عليه هذه الفرية الدنيئة.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شبهة: "بحسب الأحاديث؛ عندما يظهر المهدي؛ تسمع به الدنيا كلها. لكن الميرزا لا يسمع به إلا القليل!!".

شبهة: " بحسب الأحاديث؛ عندما يظهر المهدي؛ تسمع به الدنيا كلها. لكن الميرزا لا يسمع به إلا القليل!!". الرد:       أما أنه لم يسمع بالإمام المهدي عليه السلام إلا القليل، فهذا ليس صحيحا، بل سمعت به الدنيا كلها عبر الفضائيات والمواقع الالكترونية والصحف والمجلات والكتب التي نصدرها. ثم إن هنالك أناسا في أدغال القارات لم يسمعوا بالإسلام ولا بغيره، فليست العبرة بالذين لا يريدون أن يسمعوا أو لا يمكنهم السماع.        إن جماعتنا لموجودة في البلدان، وهناك من الحكومات والمؤسسات الدينية التي انشغلت بمحاربتها، وبذلت قصارى جهدها من دون جدوى. ثم إن فكر الجماعة الإسلامية الأحمدية لا يكاد يجهله أحد. فإذا قلت بأن عيسى قد مات، أو قلت بأن الجهاد ليس عدوانا، أو قلت بأن المرتد لا يُقتل، أو قلت بأن تفسير الآية الفلانية كذا وكذا، أو قلت بأن تفسير علامات الساعة كذا وكذا. لقيل لك فورا: أنت أحمدي، أو متأثر بالأحمدية. أفلا يدل هذا على انتشار جماعة المسيح  الموعود عليه السلام؟

شبهة: "لماذا لا يؤمن كبار العلماء بمؤسس جماعتكم؟ أليسوا هم أعلم منا وعلينا الإقتداء بهم؟".

  شبهة: "ل ماذا لا يؤمن كبار العلماء بمؤسس جماعتكم؟ أليسوا هم أعلم منا وعلينا الإقتداء بهم؟". الرد :       إن سبب الكفر بالأنبياء هو "الكبر" عادة، وليس قلة العلم والمعرفة. وقد قص الله تعالى علينا قصة إبليس  الذي أبى واستكبر وكان من الكافرين، ولم يقص الله علينا قصة رجل كفر بنبي بسبب  مستواه العلمي أو الثقافي أو المعرفي.  بل يكون العلم أحيانا من مسببات الكبر والغرور، فيصبح حاجزا وعثرة أمام الإيمان.  وهذا ما حصل مع علماء بني إسرائيل الذين كفروا بالمسيح الناصري عليه السلام قبل ألفي سنة، فلم يكن عندهم قلة من العلماء، بل قلة من تقوى الله تعالى وخشيته، كما تكرر معهم حين كفروا بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قبل 14  قرنا، ولذلك قال الله تعالى: " أَوَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ" سورة الشعراء.   ثم يتكرر الآن.        لقد كان السابقون من المؤمنين من بسطاء الناس وعامتهم وضعفائهم عادةً، وقد ذكر الله تعالى هذه الحقيقة على لسان كفار قوم نوح عليه السلام الذين قالوا له: "وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَ...

شبهة: "ذكر الميرزا أن له مليون آية. فما هي هذه الآيات؟ وهل يعقل ذلك العدد من الآيات؟".

  شبهة: " ذكر الميرزا أن له مليون آية. فما هي هذه الآيات؟ وهل يعقل ذلك العدد من  الآيات؟". الرد :       إن كل لحظة  من حياة المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام يمكن اعتبارها آية، وذلك نظرا لظروفه الصعبة وصحته ومن ثم النجاحات التي حققها فكيف يمكن لشخص فيه مرضان في قرية نائية أن يضطلع بكل هذه المهام وينجح فيها؟ فالمتدبر لا بد أن يرى بأن هذه المسيرة عبارة عن آيات متسلسلة مستمرة. وهناك العديد من الآيات التي هي سلسلة متصلة من عدد لا ينتهي من الآيات، فمعجزة الطاعون مثلا ليست مجرد آية واحدة، بل هي آية ظلت تتجدد في كل لحظة عبر سنوات متواصلة من نجاة الأحمديين وموت كبار الخصوم، وخصوصا من المباهلين، وكيف أدّى ذلك إلى بيعة أعداد هائلة من طاهر ي الفطرة.