شبهة: "لماذا لا يؤمن كبار العلماء بمؤسس جماعتكم؟ أليسوا هم أعلم منا وعلينا الإقتداء بهم؟".
الرد :
إن سبب الكفر بالأنبياء هو "الكبر" عادة، وليس قلة العلم والمعرفة. وقد قص الله تعالى علينا قصة إبليس الذي أبى واستكبر وكان من الكافرين، ولم يقص الله علينا قصة رجل كفر بنبي بسبب مستواه العلمي أو الثقافي أو المعرفي. بل يكون العلم أحيانا من مسببات الكبر والغرور، فيصبح حاجزا وعثرة أمام الإيمان. وهذا ما حصل مع علماء بني إسرائيل الذين كفروا بالمسيح الناصري عليه السلام قبل ألفي سنة، فلم يكن عندهم قلة من العلماء، بل قلة من تقوى الله تعالى وخشيته، كما تكرر معهم حين كفروا بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قبل 14 قرنا، ولذلك قال الله تعالى: "أَوَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ" سورة الشعراء. ثم يتكرر الآن.
لقد كان السابقون من المؤمنين من بسطاء الناس وعامتهم وضعفائهم عادةً، وقد ذكر الله تعالى هذه الحقيقة على لسان كفار قوم نوح عليه السلام الذين قالوا له: "وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلْنَا" سورة هود. فهم بسطاء حقيقةً، أو هو مجرد ازدراء من الكفار لهم؟ وإلا فإن العديد من كبار الناس من ذوي العلم والتقوى والمكانة الاجتماعية أيضا يؤمنون بالأنبياء، فأبو بكر الصديق وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - كانوا من كبار القوم، وكذلك عبد الله بن سلام الذي شهد اليهود على مكانته وتقواه وورعه عندما سألهم الرسول صلى الله عليه وسلم عن رأيهم فيه.
إن الكفار المستكبرين يعترضون على النبي نفسه، ويستنكرون أن يكون هو النبي، إذ لو كان الله باعثا نبيا؛ لبعث غيره بزعمهم، وقد ذكر الله تعالى اعتراضهم هذا في قوله: "وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ" سورة الجمعة.
إن الذي يحصل مع كثير من العلماء، هو أنهم يشعرون بنشوة كثرة الأتباع والفخر بعلمهم الغزير، وهذا عندهم أو في إحساسهم أعظم من المال، فلو طلب لصاحب المال أن يتخلى عن جزء ماله للفقراء، فسيرى ذلك صعبا جدا، وهكذا لو قيل للعالم أن يتخلى عن علمه إن ثبت أن كثيرا منه ليس علما، بل أخطاء، فسيجده أكثر صعوبة.
يظن العلماء في البداية أنهم على الحق، وأن هذا النبي على الباطل، ولكن مع الزمن تظهر لهم الحقيقة شيئا فشيئا، ولكن يصبح التراجع أكثر صعوبة، وكلما طال زمان إعراضهم زادت صعوبة إيمانهم. ولعل هذا ما أشار إليه ابن عربي بقوله: "إذا ظهر الإمام المهدي، فليس له عدو مبين إلا الفقهاء خاصة". لكن، هناك قسم من العلماء ليسوا من هذا النوع، بل من النوع الذين قال الله تعالى فيهم: "إِنما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ". فهؤلاء سرعان ما يؤمنون ويحمدون الله تعالى ويستغفرونه قائلين: "رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ".
ولعل بعض العلماء العرب ممن لم يسمعوا بدعوة المسيح الموعود عليه السلام، أو سمعوا بها مشوهة، ولو سمعوا بها لآمنوا، فهؤلاء معذورون. لكن بعد افتتاح القناة الفضائية الإسلامية الأحمدية (mta) - سنة 2007م - باللغة العربية، وبعد ظهور المواقع على الشبكة العالمية (الإنترنت)، وبعد أن كثر الأحمديون في الدول العربية نفسها، فقد صار هذا الاحتمال نادرا جدا.
إن المهم في القضية؛ هل يقتضي هذا الزمن بعث مصلح من الله تعالى أم لا؟ وهل هذا الذي أعلن أنه من الله تعالى صادق وتتحقق فيه صفات مبعوث الله تعالى أم لا؟ هذا هو الذي يجب أن يفكر فيه المرء، ويحكم بتقوى الله تعالى وخشيته ليصل إلى الحق.
تعليقات
إرسال تعليق