الجماعة الإسلامية الأحمدية ـ جَاءَ الْحَقُّ ـ زَهَقَ الْبَاطِلُ ـ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا .
الجماعة الإسلامية الأحمدية : جماعة الدفاع : عن الإسلام عموما ، عن خاتم النبيين صلى الله عليه و سلم ، عن الصحابة الكرام و أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن و أرضاهن ، عن دعوة الإمام المهدي و المسيح الموعود عليه السلام ، عن القرآن الكريم ، عن السنة النبوية المطهرة ، عن الأحاديث النبوية الشريفة ، عن السلف الصالح ، ضد الإلحاد و الأديان الشركية و الفرق الإسلامية المنحرفة .
سلسلة : " جَاءَ الْحَقُّ " 01 :
( ألفت للرد على الإعتراضات السخيفة و الشبهات الوهمية التي تثار حول الإمام المهدي و المسيح الموعود عليه السلام ) .
؛ بعنوان : من هو " ميرزا غلام أحمد القادياني ـ عليه السلام ـ " ؟ ـ نقلا عن الموقع العربي للجماعة الإسلامية الأحمدية المباركة العالمية ـ .
مولده و نشأته و مسيرته :
ولد حضرة مرزا غلام أحمد القادياني عليه السلام في قرية قاديان من أعمال البنجاب في الهند سنة 1250هـ الموافق 1835م . و هو ينحدر من أسرة نبيلة من الفرس هاجرت إلى الهند إبان الدولة المغولية . و قد حضر أجداده من سمرقند و إستوطنوا في البنجاب حيث إقتطع لهم الإمبراطور المغولي " بابر " عدداً من القرى و الضياع .
و لما تراجع نفوذ الدولة المغولية ؛ وقعت منطقة البنجاب تحت قبضة السيخ الذين تمردوا عليها . و قد قاسى المسلمون في البنجاب الأمرّين على يد السيخ الذين قتلوهم و شردوهم و حولوا مساجدهم إلى إسطبلات للخيول و الأبقار .
و في تلك الفترة ؛ كانت بريطانيا قد بدأت حملتها في الهند . و ما لبث أن إمتد حكمها إلى البنجاب . و أدى ذلك إلى نوع من التحسن في أحوال المسلمين نتيجة رفع ظلم ، و إضطهاد السيخ عنهم . إلا أن الإنجليز جاؤوا بالقساوسة الذين سعوا إلى نشر المسيحية في الهند . و قد كان إنتشار المسيحية في الهند أحد الأدوات التي رغبت بريطانيا من خلالها في بسط نفوذها على تلك البلاد ، و إخضاع أهلها إلى الأبد . فبدأ هؤلاء القساوسة بالهجوم على الإسلام ، و القدح في عرض سيدنا محمد صلى الله عليه و سلّم بطريقة شرسة لم يسبق لها مثيل . و قد حدث أن إعتنق عديد من المشايخ السفهاء المسيحية ، و أخذوا يهاجمون الإسلام بشراسة . و قد حرّض هذا الهجوم المسيحي أتباع الديانات الأخرى أيضًا على محاولة النيل من الإسلام أيضاً . فقامت لأول مرة في التاريخ حركات هندوسية تهاجم الإسلام و تدعو إلى عودة المسلمين الهنود إلى دين آبائهم و أجدادهم .
و في تلك الفترة ، إنبرى حضرة مرزا غلام أحمد عليه السلام للذّود عن حياض الإسلام ؛ و عن عرض المصطفى صلى الله عليه و سلّم ، فقام بالرد على مطاعنهم و شبهاتهم . و بدأ بالرد من خلال المقالات في الصحف و الرسائل . ثم عمد إلى تأليف كتاب أسماه " البراهين الأحمدية " ، و قد ضمّنه أدلة و براهين على صدق الإسلام ؛ و على صدق رسوله صلى الله عليه وسلّم ، و تحدى أتباع الديانات الأخرى ، و قام بتأليف المجلد تلو المجلد من الكتب العظيمة حتى وصل عددها إلى نيف و ثمانين كتابًا .
و إتجه حضرته إلى دراسة الكتب المقدسة لهذه الأديان ؛ و بخاصة المسيحية ، فإكتشف كمًّا هائلاً من التناقضات ؛ مما جعله قادراً على إفحامهم في المناظرات و في الكتب و المقالات .
و قد كان دفاعه عن الإسلام محطّ إعجاب المسلمين جميعاً في الهند . و قد لقبوه ببطل الإسلام ؛ حيث كانوا يجدونه الوحيد القادر على رد الهجمات على الإسلام ؛ و على إفحام الأعداء . فمدحه المشايخ و العلماء في الهند ، و وصفوا كتابه " البراهين " ؛ بأنه من أعظم الكتب في الإسلام .
و قد أعلن حضرته أن الله تعالى أبلغه أنه الإمام المهدي الذي وعد بقدومه في آخر الزمان ، فكان هذا القول مقبولاً عموماً من المسلمين ، و لم يلقَ معارضة شديدة ، و هذا بسبب ثقتهم به ، و معرفتهم بتاريخه و سيرة حياته الطاهرة المطهرة . و لكن ما إنْ أعلن أن الله تعالى قد أخبره بأن عيسى ابن مريم عليه السلام قد مات ، و أنه هو مثيل ابن مريم ، حتى تألب عليه المشايخ المعارضون ، و وقف كثير منهم في صفٍ واحدٍ مع المسيحيين و الهندوس في معاداته ، و أصدروا الفتاوى بتكفيره . فرد على هذه الشبهات في كتبه ، و بيّن دعواه بشكل واضح و جلي .
و قد سبّب دفاعه عن الإسلام تألُب النصارى عليه بشكل خاص ؛ فسعى القساوسة إلى رميه بتهم جنائية باطلة لإلقائه في السجن . و لكن الله خيّب مسعاهم دائماً ، و فضح خططهم ، فباؤوا بالخيبة و الخسران في كل مرة . كما أن مخططهم في تنصير الهند قد خاب بسبب دفاعه المستميت عن الإسلام . فقد أصبحت المسيحية في وضع لا تُحسَد عليه بسبب كشفه ـ عليه السلام ـ لزيفها و بطلانها من مصادر شتى ؛ و منها كتبهم المقدسة .
و رغم كل المعارضة و المعاندة من الأعداء ، فإن الله تعالى أيده بنصره عليهم ، و حقق له الغلبة على أعداء الإسلام ، كما حقق نبوءاته و بشاراته التي بشر بها . و أسس عليه السلام ـ بأمر من الله تعالى ـ الجماعة الإسلامية الأحمدية المنتشرة اليوم في كل أصقاع العالم . كل ذلك بعد أن كان إنساناً وحيداً ، تقف الدنيا كلها في وجهه . و لعل إنتشار هذه الجماعة و إزدهارها المستمر الذي أصبح جلياً للعيان في هذا الوقت ؛ لدليل على أن يد الله كانت مع هذه الجماعة التي ما كانت لتنجح في ظل تلك الظروف غير المؤاتية ، و رغم كل الصعوبات و العقبات .
دعواه :
يقول حضرته ـ عليه السلام ـ في تبيان دعواه ما نصه :
" قد بينتُ مرارًا وأظهرتُ للناس إظهارًا أني أنا المسيح الموعود و المهدي المعهود ، و كذلك أُمرتُ ، و ما كان لي أن أعصيَ أمرَ ربي و أُلْحَقَ بالمجرمين . فلا تعجَلوا علي ، و تدبَّروا أمري حق التدبر إن كنتم متقين . و عسى أن تكذِّبوا إمرأً و هو من عند الله ، و عسى أن تفسِّقوا رجلا و هو من الصالحين " .
( إعجاز المسيح ، الخزائن الروحانية مجلد 18 ص 7 - 9 )
و قال حضرته ـ عليه السلام ـ في هذا السياق أيضاً ما نصه :
" إني إمرؤ ربَّانيَ الله برحمة من عنده ، و أنعم عليَّ بإنعام تام ، و ما أَلَـتَـني من شيء ، و جعلني من المكلَّمين الملهَمين . و علّمني من لدنه علمًا ، و هداني مَسالكَ مرضاته و سِكَكَ تُقاته ، و كشف عليَّ أسراره العليا . فطَورًا أيّدني بالمكالمات التي لا غبارَ عليها و لا شبهةَ فيها و لا خفاء ، و تارةً نوّرني بنور الكشوف التي تُشبه الضحى . و مِن أعظم المِنن أنه جعلني لهذا العصر و لهذا الزمان إمامًا و خليفةً ، و بعثني على رأس هذه المائة مجدِّدًا ؛ لأُخرج الناسَ إلى النور من الدّجَى ...
و من آياته المباركة أنه إذا وجد فساد المتنصرين ، و رآهم أنهم يصدّون عن الدين صدودًا ، و رأى أنهم يؤذون رسول الله و يحتقرونه ، و يُطرون ابنَ مريم إطراءً كبيرًا ... فإشتد غضبُه غيرةً من عنده ، و نادانى و قال : إني جاعلك عيسى ابنَ مريم ، و كان الله على كل شيءٍ مقتدِرًا . فأنا غيرة الله التي فارت في وقتها ؛ لكي يعلَمَ الذين غَلَوْا في عيسى أنّ عيسى ما تفرَّدَ كتفرُّدِ الله ، و أن الله قادر على أن يجعل عيسى واحدًا من أمة نبيه ، و كان هذا وعدًا مفعولا " .
( مِرآةُ كمالاتِ الإسلام ، الخزائن الروحانية مجلد 5 ص 422 - 426 )
و قال ـ عليه السلام ـ ما نصه :
" اِسمعوا يا سادة ، هداكم الله إلى طرق السعادة ، إني أنا المستفتي و أنا المدعي . و ما أتكلم بحجاب ، بل إني على بصيرة من رب وهاب . بعثني الله على رأس المائة ... لأجدّد الدين ، و أنوّر وجهَ الملة ، و أكسِّر الصليب و أُطفئ نارَ النصرانية ، و أقيمَ سنةَ خير البرية ، و لأصلحَ ما فسد ، و أروِّجَ ما كسد . و أنا المسيح الموعود و المهدي المعهود . منَّ الله عليَّ بالوحي و الإلهام ، و كلّمني كما كلّم برسله الكرام ، و شهد على صدقي بآيات تشاهدونها ، و أرى وجهي بأنوار تعرفونها .
و لا أقول لكم أن تقبلوني من غير برهان ، و أن تؤمنوا بي من غير سلطان ، بل أنادي بينكم أن تقوموا لله مقسطين ، ثم إلى ما أنـزل الله لي من الآيات و البراهين و الشهادات . فإن لم تجدوا آياتي كمثل ما جرت عادةُ الله في الصادقين ، و خلَتْ سنتُه في النبيين الأولين ، فرُدُّوني و لا تقبَلوني يا معشرَ المنكرين " .
( الإستفتاء، الخزائن الروحانية ج 22 ص 641 )
آخر لحظات حياته الشريفة :
كان سيدنا أحمد عليه السلام قد وصل إلى لاهور في صحبة السيدة زوجته و بعض أفراد عائلته و صحابته ، و نزل في بيت واحد من فضلاء أفراد جماعته هناك . و كان عليه السلام يعاني من مرض الدوسنطاريا الذي كان يعاوده من حين لآخر ، و في يوم 23 من ربيع الثاني 1326هـ الموافق 25 أيار ( مايو ) 1908، عاوده المرض ، و قد جمع صلاتي المغرب و العشاء ، و تناول قليلا من الطعام . ثم أحس بالرغبة في قضاء حاجته ، فذهب إلى بيت الخلاء ، ثم عاد إلى غرفته لينال قسطا من الراحة . و نام بعض الوقت ، و نام أهله ، و لكنه إستيقظ مرة أو مرتين أثناء الليل لقضاء حاجته . و عند الساعة الحادية عشرة في تلك الليلة ، إستيقظ مرة أخرى و قد شعر بضعف شديد ؛فأيقظ زوجته ، و بعد قليل إزداد شعوره بالضعف ؛ فإستأذنته زوجته أن تدعو حضرة المولوي نور الدين رضي الله عنه الذي كان طبيبا حاذقا و كان أيضا من أقرب و أحب صحابته إليه ؛ فوافق ـ حضرته ـ على إستدعائه و إستدعاء إبنه ( سيدنا محمود أحمد رضي الله عنه ) ، و كان حينئذ في التاسعة عشرة من عمره .
و قد جاء مولانا نور الدين رضي الله عنه ، كما جاء الدكتور محمد حسين و الدكتور يعقوب بيك ، و قال لهم عليه السلام إنه يعاني من الدوسنطاريا و سألهم أن يقترحوا له دواء ؛ ثم أضاف قائلا : في الحقيقة إن الدواء موجود في السماء ، فعليكم بالدواء و الدعاء . و قد قام الأطباء بمعالجته ، و لكن الضعف كان يزداد ، و شعر بالجفاف في لسانه و حلقه ، و كان عليه السلام يردد بين حين و آخر : " يا إلهي يا حبيبي " . و لعل هذا يُذكّرنا بما قاله سيدنا رسول الله صلى الله عليه و سلم في مرضه الذي توفي فيه ، إذ ورد في صحيح البخاري عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ؛ قالت : كان رأس النبي صلى الله عليه و سلم على فخذي ، فغشي عليه ، ثم أفاق فأشخص بصره إلى سقف البيت ثم قال : " اللهم الرفيقَ الأعلى " ( باب آخر ما تكلم النبي صلى الله عليه و سلم )
كان صحابة سيدنا أحمد عليه السلام و جميع الحاضرين في حالة من القلق و الإضطراب ، و كان البعض يقوم بخدمته و البعض الآخر يؤدون صلاة التهجد ، و قد كتب إبنه ميرزا بشير أحمد رضي الله عنه يقول : " ... حينما رأيت وجه والدي في صباح ذلك اليوم إنتابني القلق ، و إستولى عليّ شعور بأن هذا ليس إلا مرض الموت " .
حول الساعة الخامسة صباحا وصل نواب محمد عليّ رضي الله عنه ، و هو زوج إبنته ـ عليه السلام ـ و من أبرز صحابته ، و لما دخل سلّم على سيدنا أحمد فردّ عليه السلام ، ثم سأل : هل حان وقت صلاة الفجر ؟ قيل : نعم . فضرب بكفّيه على الفراش و تيمم ثم أخذ يصلي الفجر . و لكنه غُشي عليه أثناء الصلاة ، و بعد قليل أفاق ؛ فسأل ثانية : هل حان وقت صلاة الفجر ؟ فقيل : نعم . فنوى لصلاة الفجر ثانية ، و راح يؤدي الصلاة حتى فرغ منها ، ثم غشي عليه ؛ و هو يردد هذا الكلمات : " يا إلهي يا حبيبي " .
في الساعة الثامنة صباحا سأله أحد الأطباء الذين كانوا يتولون علاجه عما إذا كان يشعر بألم أو أذى في أي جزء من أجزاء جسده الشريف ، و لكنه لم يستطع أن يجيبه لشدة الضعف ، و أشار إلى الحاضرين طالبا ورقة و قلما، و كتب أنه يشعر بضعف شديد ، و لذلك فإنه لا يردّ عليهم . و في الساعة التاسعة صباحا تدهورت حالته و كانت أنفاسه الشريفة طويلة ، و قد بات واضحا للحاضرين أنه في اللحظات الأخيرة من حياته . و في الساعة الحادية عشرة قبيل ظهر ذلك اليوم ، فاضت روحه الطاهرة للقاء حبيبها ؛ وهو على فراشه ، و إنتقل إلى الرفيق الأعلى في جنة الخلد ، و إنّا لله و إنّا إليه راجعون . و بذلك إنقضت أيام عمره المبارك الذي بلغ فيه الخامسة و السبعين و نصف العام .
و الله تعالى أعلم .
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
................. يتبع بإذن الله تعالى ...................
الجماعة الإسلامية الأحمدية : جماعة الدفاع : عن الإسلام عموما ، عن خاتم النبيين صلى الله عليه و سلم ، عن الصحابة الكرام و أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن و أرضاهن ، عن دعوة الإمام المهدي و المسيح الموعود عليه السلام ، عن القرآن الكريم ، عن السنة النبوية المطهرة ، عن الأحاديث النبوية الشريفة ، عن السلف الصالح ، ضد الإلحاد و الأديان الشركية و الفرق الإسلامية المنحرفة .
سلسلة : " جَاءَ الْحَقُّ " 01 :
( ألفت للرد على الإعتراضات السخيفة و الشبهات الوهمية التي تثار حول الإمام المهدي و المسيح الموعود عليه السلام ) .
؛ بعنوان : من هو " ميرزا غلام أحمد القادياني ـ عليه السلام ـ " ؟ ـ نقلا عن الموقع العربي للجماعة الإسلامية الأحمدية المباركة العالمية ـ .
مولده و نشأته و مسيرته :
ولد حضرة مرزا غلام أحمد القادياني عليه السلام في قرية قاديان من أعمال البنجاب في الهند سنة 1250هـ الموافق 1835م . و هو ينحدر من أسرة نبيلة من الفرس هاجرت إلى الهند إبان الدولة المغولية . و قد حضر أجداده من سمرقند و إستوطنوا في البنجاب حيث إقتطع لهم الإمبراطور المغولي " بابر " عدداً من القرى و الضياع .
و لما تراجع نفوذ الدولة المغولية ؛ وقعت منطقة البنجاب تحت قبضة السيخ الذين تمردوا عليها . و قد قاسى المسلمون في البنجاب الأمرّين على يد السيخ الذين قتلوهم و شردوهم و حولوا مساجدهم إلى إسطبلات للخيول و الأبقار .
و في تلك الفترة ؛ كانت بريطانيا قد بدأت حملتها في الهند . و ما لبث أن إمتد حكمها إلى البنجاب . و أدى ذلك إلى نوع من التحسن في أحوال المسلمين نتيجة رفع ظلم ، و إضطهاد السيخ عنهم . إلا أن الإنجليز جاؤوا بالقساوسة الذين سعوا إلى نشر المسيحية في الهند . و قد كان إنتشار المسيحية في الهند أحد الأدوات التي رغبت بريطانيا من خلالها في بسط نفوذها على تلك البلاد ، و إخضاع أهلها إلى الأبد . فبدأ هؤلاء القساوسة بالهجوم على الإسلام ، و القدح في عرض سيدنا محمد صلى الله عليه و سلّم بطريقة شرسة لم يسبق لها مثيل . و قد حدث أن إعتنق عديد من المشايخ السفهاء المسيحية ، و أخذوا يهاجمون الإسلام بشراسة . و قد حرّض هذا الهجوم المسيحي أتباع الديانات الأخرى أيضًا على محاولة النيل من الإسلام أيضاً . فقامت لأول مرة في التاريخ حركات هندوسية تهاجم الإسلام و تدعو إلى عودة المسلمين الهنود إلى دين آبائهم و أجدادهم .
و في تلك الفترة ، إنبرى حضرة مرزا غلام أحمد عليه السلام للذّود عن حياض الإسلام ؛ و عن عرض المصطفى صلى الله عليه و سلّم ، فقام بالرد على مطاعنهم و شبهاتهم . و بدأ بالرد من خلال المقالات في الصحف و الرسائل . ثم عمد إلى تأليف كتاب أسماه " البراهين الأحمدية " ، و قد ضمّنه أدلة و براهين على صدق الإسلام ؛ و على صدق رسوله صلى الله عليه وسلّم ، و تحدى أتباع الديانات الأخرى ، و قام بتأليف المجلد تلو المجلد من الكتب العظيمة حتى وصل عددها إلى نيف و ثمانين كتابًا .
و إتجه حضرته إلى دراسة الكتب المقدسة لهذه الأديان ؛ و بخاصة المسيحية ، فإكتشف كمًّا هائلاً من التناقضات ؛ مما جعله قادراً على إفحامهم في المناظرات و في الكتب و المقالات .
و قد كان دفاعه عن الإسلام محطّ إعجاب المسلمين جميعاً في الهند . و قد لقبوه ببطل الإسلام ؛ حيث كانوا يجدونه الوحيد القادر على رد الهجمات على الإسلام ؛ و على إفحام الأعداء . فمدحه المشايخ و العلماء في الهند ، و وصفوا كتابه " البراهين " ؛ بأنه من أعظم الكتب في الإسلام .
و قد أعلن حضرته أن الله تعالى أبلغه أنه الإمام المهدي الذي وعد بقدومه في آخر الزمان ، فكان هذا القول مقبولاً عموماً من المسلمين ، و لم يلقَ معارضة شديدة ، و هذا بسبب ثقتهم به ، و معرفتهم بتاريخه و سيرة حياته الطاهرة المطهرة . و لكن ما إنْ أعلن أن الله تعالى قد أخبره بأن عيسى ابن مريم عليه السلام قد مات ، و أنه هو مثيل ابن مريم ، حتى تألب عليه المشايخ المعارضون ، و وقف كثير منهم في صفٍ واحدٍ مع المسيحيين و الهندوس في معاداته ، و أصدروا الفتاوى بتكفيره . فرد على هذه الشبهات في كتبه ، و بيّن دعواه بشكل واضح و جلي .
و قد سبّب دفاعه عن الإسلام تألُب النصارى عليه بشكل خاص ؛ فسعى القساوسة إلى رميه بتهم جنائية باطلة لإلقائه في السجن . و لكن الله خيّب مسعاهم دائماً ، و فضح خططهم ، فباؤوا بالخيبة و الخسران في كل مرة . كما أن مخططهم في تنصير الهند قد خاب بسبب دفاعه المستميت عن الإسلام . فقد أصبحت المسيحية في وضع لا تُحسَد عليه بسبب كشفه ـ عليه السلام ـ لزيفها و بطلانها من مصادر شتى ؛ و منها كتبهم المقدسة .
و رغم كل المعارضة و المعاندة من الأعداء ، فإن الله تعالى أيده بنصره عليهم ، و حقق له الغلبة على أعداء الإسلام ، كما حقق نبوءاته و بشاراته التي بشر بها . و أسس عليه السلام ـ بأمر من الله تعالى ـ الجماعة الإسلامية الأحمدية المنتشرة اليوم في كل أصقاع العالم . كل ذلك بعد أن كان إنساناً وحيداً ، تقف الدنيا كلها في وجهه . و لعل إنتشار هذه الجماعة و إزدهارها المستمر الذي أصبح جلياً للعيان في هذا الوقت ؛ لدليل على أن يد الله كانت مع هذه الجماعة التي ما كانت لتنجح في ظل تلك الظروف غير المؤاتية ، و رغم كل الصعوبات و العقبات .
دعواه :
يقول حضرته ـ عليه السلام ـ في تبيان دعواه ما نصه :
" قد بينتُ مرارًا وأظهرتُ للناس إظهارًا أني أنا المسيح الموعود و المهدي المعهود ، و كذلك أُمرتُ ، و ما كان لي أن أعصيَ أمرَ ربي و أُلْحَقَ بالمجرمين . فلا تعجَلوا علي ، و تدبَّروا أمري حق التدبر إن كنتم متقين . و عسى أن تكذِّبوا إمرأً و هو من عند الله ، و عسى أن تفسِّقوا رجلا و هو من الصالحين " .
( إعجاز المسيح ، الخزائن الروحانية مجلد 18 ص 7 - 9 )
و قال حضرته ـ عليه السلام ـ في هذا السياق أيضاً ما نصه :
" إني إمرؤ ربَّانيَ الله برحمة من عنده ، و أنعم عليَّ بإنعام تام ، و ما أَلَـتَـني من شيء ، و جعلني من المكلَّمين الملهَمين . و علّمني من لدنه علمًا ، و هداني مَسالكَ مرضاته و سِكَكَ تُقاته ، و كشف عليَّ أسراره العليا . فطَورًا أيّدني بالمكالمات التي لا غبارَ عليها و لا شبهةَ فيها و لا خفاء ، و تارةً نوّرني بنور الكشوف التي تُشبه الضحى . و مِن أعظم المِنن أنه جعلني لهذا العصر و لهذا الزمان إمامًا و خليفةً ، و بعثني على رأس هذه المائة مجدِّدًا ؛ لأُخرج الناسَ إلى النور من الدّجَى ...
و من آياته المباركة أنه إذا وجد فساد المتنصرين ، و رآهم أنهم يصدّون عن الدين صدودًا ، و رأى أنهم يؤذون رسول الله و يحتقرونه ، و يُطرون ابنَ مريم إطراءً كبيرًا ... فإشتد غضبُه غيرةً من عنده ، و نادانى و قال : إني جاعلك عيسى ابنَ مريم ، و كان الله على كل شيءٍ مقتدِرًا . فأنا غيرة الله التي فارت في وقتها ؛ لكي يعلَمَ الذين غَلَوْا في عيسى أنّ عيسى ما تفرَّدَ كتفرُّدِ الله ، و أن الله قادر على أن يجعل عيسى واحدًا من أمة نبيه ، و كان هذا وعدًا مفعولا " .
( مِرآةُ كمالاتِ الإسلام ، الخزائن الروحانية مجلد 5 ص 422 - 426 )
و قال ـ عليه السلام ـ ما نصه :
" اِسمعوا يا سادة ، هداكم الله إلى طرق السعادة ، إني أنا المستفتي و أنا المدعي . و ما أتكلم بحجاب ، بل إني على بصيرة من رب وهاب . بعثني الله على رأس المائة ... لأجدّد الدين ، و أنوّر وجهَ الملة ، و أكسِّر الصليب و أُطفئ نارَ النصرانية ، و أقيمَ سنةَ خير البرية ، و لأصلحَ ما فسد ، و أروِّجَ ما كسد . و أنا المسيح الموعود و المهدي المعهود . منَّ الله عليَّ بالوحي و الإلهام ، و كلّمني كما كلّم برسله الكرام ، و شهد على صدقي بآيات تشاهدونها ، و أرى وجهي بأنوار تعرفونها .
و لا أقول لكم أن تقبلوني من غير برهان ، و أن تؤمنوا بي من غير سلطان ، بل أنادي بينكم أن تقوموا لله مقسطين ، ثم إلى ما أنـزل الله لي من الآيات و البراهين و الشهادات . فإن لم تجدوا آياتي كمثل ما جرت عادةُ الله في الصادقين ، و خلَتْ سنتُه في النبيين الأولين ، فرُدُّوني و لا تقبَلوني يا معشرَ المنكرين " .
( الإستفتاء، الخزائن الروحانية ج 22 ص 641 )
آخر لحظات حياته الشريفة :
كان سيدنا أحمد عليه السلام قد وصل إلى لاهور في صحبة السيدة زوجته و بعض أفراد عائلته و صحابته ، و نزل في بيت واحد من فضلاء أفراد جماعته هناك . و كان عليه السلام يعاني من مرض الدوسنطاريا الذي كان يعاوده من حين لآخر ، و في يوم 23 من ربيع الثاني 1326هـ الموافق 25 أيار ( مايو ) 1908، عاوده المرض ، و قد جمع صلاتي المغرب و العشاء ، و تناول قليلا من الطعام . ثم أحس بالرغبة في قضاء حاجته ، فذهب إلى بيت الخلاء ، ثم عاد إلى غرفته لينال قسطا من الراحة . و نام بعض الوقت ، و نام أهله ، و لكنه إستيقظ مرة أو مرتين أثناء الليل لقضاء حاجته . و عند الساعة الحادية عشرة في تلك الليلة ، إستيقظ مرة أخرى و قد شعر بضعف شديد ؛فأيقظ زوجته ، و بعد قليل إزداد شعوره بالضعف ؛ فإستأذنته زوجته أن تدعو حضرة المولوي نور الدين رضي الله عنه الذي كان طبيبا حاذقا و كان أيضا من أقرب و أحب صحابته إليه ؛ فوافق ـ حضرته ـ على إستدعائه و إستدعاء إبنه ( سيدنا محمود أحمد رضي الله عنه ) ، و كان حينئذ في التاسعة عشرة من عمره .
و قد جاء مولانا نور الدين رضي الله عنه ، كما جاء الدكتور محمد حسين و الدكتور يعقوب بيك ، و قال لهم عليه السلام إنه يعاني من الدوسنطاريا و سألهم أن يقترحوا له دواء ؛ ثم أضاف قائلا : في الحقيقة إن الدواء موجود في السماء ، فعليكم بالدواء و الدعاء . و قد قام الأطباء بمعالجته ، و لكن الضعف كان يزداد ، و شعر بالجفاف في لسانه و حلقه ، و كان عليه السلام يردد بين حين و آخر : " يا إلهي يا حبيبي " . و لعل هذا يُذكّرنا بما قاله سيدنا رسول الله صلى الله عليه و سلم في مرضه الذي توفي فيه ، إذ ورد في صحيح البخاري عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ؛ قالت : كان رأس النبي صلى الله عليه و سلم على فخذي ، فغشي عليه ، ثم أفاق فأشخص بصره إلى سقف البيت ثم قال : " اللهم الرفيقَ الأعلى " ( باب آخر ما تكلم النبي صلى الله عليه و سلم )
كان صحابة سيدنا أحمد عليه السلام و جميع الحاضرين في حالة من القلق و الإضطراب ، و كان البعض يقوم بخدمته و البعض الآخر يؤدون صلاة التهجد ، و قد كتب إبنه ميرزا بشير أحمد رضي الله عنه يقول : " ... حينما رأيت وجه والدي في صباح ذلك اليوم إنتابني القلق ، و إستولى عليّ شعور بأن هذا ليس إلا مرض الموت " .
حول الساعة الخامسة صباحا وصل نواب محمد عليّ رضي الله عنه ، و هو زوج إبنته ـ عليه السلام ـ و من أبرز صحابته ، و لما دخل سلّم على سيدنا أحمد فردّ عليه السلام ، ثم سأل : هل حان وقت صلاة الفجر ؟ قيل : نعم . فضرب بكفّيه على الفراش و تيمم ثم أخذ يصلي الفجر . و لكنه غُشي عليه أثناء الصلاة ، و بعد قليل أفاق ؛ فسأل ثانية : هل حان وقت صلاة الفجر ؟ فقيل : نعم . فنوى لصلاة الفجر ثانية ، و راح يؤدي الصلاة حتى فرغ منها ، ثم غشي عليه ؛ و هو يردد هذا الكلمات : " يا إلهي يا حبيبي " .
في الساعة الثامنة صباحا سأله أحد الأطباء الذين كانوا يتولون علاجه عما إذا كان يشعر بألم أو أذى في أي جزء من أجزاء جسده الشريف ، و لكنه لم يستطع أن يجيبه لشدة الضعف ، و أشار إلى الحاضرين طالبا ورقة و قلما، و كتب أنه يشعر بضعف شديد ، و لذلك فإنه لا يردّ عليهم . و في الساعة التاسعة صباحا تدهورت حالته و كانت أنفاسه الشريفة طويلة ، و قد بات واضحا للحاضرين أنه في اللحظات الأخيرة من حياته . و في الساعة الحادية عشرة قبيل ظهر ذلك اليوم ، فاضت روحه الطاهرة للقاء حبيبها ؛ وهو على فراشه ، و إنتقل إلى الرفيق الأعلى في جنة الخلد ، و إنّا لله و إنّا إليه راجعون . و بذلك إنقضت أيام عمره المبارك الذي بلغ فيه الخامسة و السبعين و نصف العام .
و الله تعالى أعلم .
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
................. يتبع بإذن الله تعالى ...................
تعليقات
إرسال تعليق